ويدرك أعضاء الجماعات اليهودية، خصوصاً في الولايات المتحدة، المضمون الخفي الكامن وراء تعديل قانون العودة تماماً، والمحاولة الرامية إلى ذلك. ومن هنا كانت حدة استجابتهم لهذه المحاولة إلى درجة أدهشت القيادات في اجتماع لمجلس الفيدراليات الأمريكية الذي خُصِّص لمناقشة هذه القضية (١٩٨٨) ، ومجلس الفيدراليات هو التنظيم الذي يضم سائر التنظيمات اليهودية الأمريكية. فعندما حاولت القيادة التقليل من أهمية التعديل المقترح والتهوين من شأنه، ثارت القاعدة وأعلنت سخطها وأعلنت كذلك عن نيتها أن تترجم هذا السخط إلى فعل ضد إسرائيل. بل إن بعضهم اشتكى إلى نوابهم في الكونجرس الأمريكي من التعديل المزمع، وقام هؤلاء النواب، وبعضهم من غير اليهود، بنقل شكوى ناخبيهم من اليهود إلى حكومة الدولة اليهودية. وتتحدث الصحف الإسرائيلية عن احتمال أن تُناقَش المسألة في الكونجرس الأمريكي عند مناقشة المعونة الأمريكية لإسرائيل. وهكذا، فبدلاً من أن تستخدم الدولة الصهيونية الدياسبورا أداة للضغط على الولايات المتحدة لتحقيق مصالحها، يقوم أعضاء الجماعة الأمريكية اليهودية بالضغط على الدولة الصهيونية من خلال الولايات المتحدة للحفاظ على مصالحهم. ويُقال إن استجابة يهود الولايات المتحدة لتعديل قانون العودة يشبه في حدته استجابتهم لحرب ١٩٦٧، حين أحسوا بالفخر الشديد لانتصار القوات الإسرائيلية، أي حين تضخمت هويتهم اليهودية المزعومة بسبب انتصار جيوش الدولة اليهودية. وقانون العودة يمس هذه الهوية، ذلك أن تعديله ينزع عنهم هويتهم هذه ويجعل منهم مجرد يهود إصلاحيين أو محافظين، أي يهود من الدرجة الثانية. ويجب ملاحظة أنه بينما أصبحت اليهودية، بالنسبة إلى معظم سكان المُستوطَن الصهيوني مسألة قومية وليست دينية محضة (ولهذا فهم لا يكترثون بموقف المؤسسة الأرثوذكسية) ، فإن الأمر جد مختلف بالنسبة إلى يهود العالم، فيهوديتهم برغم علمانيتهم الواضحة لا