للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«عَم هآرتس» عبارة عبرية تعني حرفياً «شعب الأرض» ، أي «أبناء الأرض» . وقد وردت هذه العبارة في العهد القديم بمعنيين، الأول للإشارة إلى سكان فلسطين الأصليين مثل الحيثيين الذين اشترى منهم إبراهيم مغارة مكفيلة (تكوين ٢٣) مقابل العبرانيين. أما المعنى الثاني، فيشير إلى السامريين والأقوام الأخرى التي كانت تسكن فلسطين وعارضت استيطان العبرانيين العائدين من بابل (عزرا ٤) .

وكانت العبارة تُستخدَم كذلك للإشارة إلى عامة العبرانيين مقابل الأسرة المالكة والنبلاء والطبقة العسكرية والكهنة والأنبياء، وذلك قبل التهجير البابلي. ولكن بعد العودة من بابل، حيث صارت النخبة الحاكمة هي الكهنة أساساً، أصبحت العبارة تشير إلى الشعب مقابل الكهنة الأثرياء. وقد أخذت الحواجز بين الفريقين في التحدّد والتبلوّر، فكانت طبقة الكهنة تقيم جميع شعائر الطهارة الخاصة بالعبادة القربانية، كما كانت تتلقى العشور من المصلين ولا تأكل طعاماً إلا إذا دُفعت ضريبة العشور عنه. وقد قام الفريسيون والفرق اليهودية الأخرى، مثل الأسينيين، بإقامة شعائر الطهارة رغم أنهم لم يكونوا من طبقة الكهنة، وكانوا أيضاً لا يأكلون من محاصيل لم تُدفَع عنها العشور. وحتى يضمنوا أن يظلوا ضمن النخبة الحاكمة الطاهرة، كانوا حريصين على الإبقاء على الحواجز الفاصلة بينهم وبين العامة.

ولكن رغم توسيع نطاق النخبة ليضم الفريسيين وغيرهم، ظلت أعداد كبيرة من اليهود غير قادرة على إقامة شعائر الطهارة بسبب تزمتها وصرامتها، خصوصاً في المناطق التي ضمها الحشمونيون وهوَّدوا أهلها عنوة (الإيطوريون والأدوميون الذين أصبحوا يهوداً ولكنهم باتوا ينوءون تحت نير هذه الشعائر) . وقد توجهت المسيحية إلى هؤلاء فانضموا إلى صفوفها، إذ أن الدين الجديد لم يثقل المؤمن بقيود شعائر الطهارة والعبادة القربانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>