ومع أن الشرع اليهودي قد عَرَّف اليهودي بأنه من وُلد لأم يهودية أو تَهوَّد، فإن الشرع الإسلامي لم يقبل، في جميع مراحله التاريخية، بهذا التعريف العرْقي، فكان يُعرِّف اليهودي تعريفاً دينياً وحسب، أي أنه عرَّفه بأنه من يعتنق اليهودية سواء كان من الحاخاميين أو القرّائين أو السامريين. وثمة اختلاف جوهري بين التعريفين، فأحدهما عقائدي محض والآخر ديني عرْقي، وبالتالي تنشأ مشكلة من هو اليهودي، وهل اليهودي هو الذي يعتقد أنه كذلك من منظور يهودي أم أنه اليهودي الذي نسميه نحن كذلك انطلاقاً من عقيدتنا؟
أما في العالم الغربي، فقد مرت الكلمة بعدة تطورات دلالية. ففي العالم الهيليني والدولة الرومانية، كانت كلمة «يهودي» تشير إلى الفرد في الإثنوس أي القوم اليهودي، وكانت مسألة العقيدة ثانوية. وفي العصور الوسطى الكارولينجية في الغرب، حتى القرن الحادي عشر الميلادي، أصبحت كلمة «يهودي» تعني الانتماء إلى الجماعة اليهودية، كما كانت مرادفة لكلمة «تاجر» . وبعد القرن الحادي عشر الميلادي، أصبحت كلمة «يهودي» مرادفة لكلمة «مرابي» . ولم تتخلص اللغات الأوربية تماماً من تلك التضمينات التي كانت تُحمِّل كلمة «يهودي» معنى قدحياً، مثل «بخيل» أو «غير شريف» أو «عبد للمال» وغير ذلك من المعاني التي ارتبطت بأعضاء الجماعات اليهودية، نظراً لاضطلاعهم بدور الجماعة الوظيفية الوسيطة التي هي محط كراهية أعضاء المجتمع المضيف. وهذا ما كان يعنيه ماركس حينما تَحدَّث عن انتشار العلاقات الإنتاجية الرأسمالية في المجتمع بوصفه «تهويد المجتمع» . ويساوي الفكر الاشتراكي الغربي، خصوصاً كتابات فورييه، بين اليهودي والمرابي. وفي اللغة الإنجليزية، ارتبطت الكلمة باسم يهوذا Judas الإسقريوطي الذي باع المسيح بحفنة قطع من الفضة.