للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتختلف الصورة السكانية لليهود مع نهاية القرن الأول قبل الميلاد. وقد وصل بعض الدارسين إلى أن عدد يهود العالم في تلك الفترة كان ٨.٠٠٠.٠٠٠، عاش منهم ما بين ٢.٣٥٠.٠٠٠ و٢.٥٠٠.٠٠٠ فقط في فلسطين، وذلك قبل هدم الهيكل على يد تيتوس عام ٧٠ ميلادية، ٣.٢٠٠.٠٠٠ في سوريا وآسيا الصغرى وبابل (أكثر من ١.٠٠٠.٠٠٠ في كل منها) ، وتوزع الباقون في أماكن أخرى مختلفة. ويُقال إن الإسكندرية وحدها كانت تضم ما يتراوح بين نصف مليون ومليون يهودي، أي نحو ٤٠% من كل سكانها وأكثر من سكان القدس من اليهود. ويبدو أن هذه الأعداد مُبالَغ فيها، إذ أن ثمة تقديراً تخمينياً آخر يرى أن عدد اليهود لم يزد على خمسة ملايين: ثلاثة ملايين في سوريا وفلسطين ومصر وآسيا الصغرى، ومليون في أماكن أخرى متفرقة من الإمبراطورية الرومانية، ومليون في بابل التي كانت تابعة للفرس ثم للفرثيين ومن بعدهم الساسانيين.

ويبدو أن ازدياد العدد يرجع إلى عدة أسباب من بينها قيام الدولة الحشمونية بتهويد بعض السكان غير اليهود داخل حدودها، مثل الإيطوريين وبعض الشعوب المجاورة مثل الأدوميين الذين حكمت أرضهم. وقد قام الفريسيون بحركة تبشير ضخمة لاقت نجاحاً غير عادي بسبب أن الوثنية الرومانية بدأت تدخل مرحلة الأزمة التي أدَّت في نهاية الأمر إلى سقوطها وإلى تَبنِّي الرومان للمسيحية ديناً رسمياً. وقد انتشرت اليهودية بين أعداد كبيرة من الرومان، من بينهم بعض أعضاء النخبة الحاكمة، في الفجوة الزمنية التي تفصل بين بداية الضعف والاضمحلال وبين السقوط النهائي وتَبنِّي المسيحية من حيث هي دين وعقيدة تفسر الكون لأتباعها وتمنحهم الإجابات للأسئلة الكونية الكبرى التي تجابههم.

<<  <  ج: ص:  >  >>