للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ ـ ثمة تحيزات عقائدية عميقة تجعل كثيراً من الدارسين يفرضون عليها دلالات لا تحتملها. ومن أكبر الأمثلة على التحيز المذهبي في المراجع الصهيونية عدم تَعرُّضها لقضية يهود الخَزَر وهجرتهم إلى بولندا، إذ تدل بعض الدراسات على أن التفسير الوحيد المقبول للتزايد الفجائي لتعداد يهود بولندا ابتداءً من القرن الرابع عشر (حتى أصبحوا أكبر جماعة يهودية في العالم) هو هجرة بقايا يهود الخَزَر إلى شرق أوربا. فمناقشة مثل هذه القضية، أو حتى مجرد ذكرها، يفتح الباب على مصراعيه لقضية أكثر أهمية وهي مدى انتماء يهود أوربا للعرْق السامي وللحضارة السامية وحقيقة هويتهم العرْقية أو الإثنية وحقوقهم الأزلية المفترضة.

٣ ـ من الأمثلة المهمة الأخرى، مسألة «الستة ملايين» يهودي الذين يُفترض أن النازيين قاموا بإبادتهم، إذ يتحول هذا الرقم إلى رقم سحري، وإلى أيقونة عقائدية ترمز إلى الشعب الشاهد الذي أصبح الشعب الشهيد. وإذا ناقش أحد مصداقية هذا الرقم، فإنه يُتهم فوراً بانتهاك الحرمات وإنكار الهولوكوست! ورغم أن رقم «الستة ملايين» حالة متطرفة من التحيز، إلا أنها الاستثناء الذي يثبت القاعدة.

٤ ـ لعل من أهم المشاكل التي تقابل دارس تعداد أعضاء الجماعات اليهودية في العالم مفهوم «اليهودي» : هل اليهودي من يتبع تعاليم دينه أم أنه من يرى نفسه يهودياً أم هو من يراه الآخرون كذلك؟ وفي هذا العالم الذي تزايدت فيه معدلات العلمنة، يسود التعريف العلماني للهوية اليهودية (اليهودي هو من يرى نفسه كذلك) . ولا توجد مؤسسة دينية مركزية تقوم بعملية التعريف والفرز، فتتداخل الحدود ويصعب تحديد من هو اليهودي. ولذا، نجد أن بعضاً من غير اليهود قد يغيِّرون قناعاتهم فجأة ويقررون أنهم يهود، والعكس أيضاً ممكن (انظر: «ادعاء اليهودية» ) .

ولإيضاح المشكلة التي يجابهها دارسو تعداد الجماعات اليهودية، يمكن أن نشير إلى بعض الأمثلة:

<<  <  ج: ص:  >  >>