ويُلاحَظ أن الجماعات اليهودية بدأت تتحول بالتدريج إلى جماعات وظيفية. ولكن، مع حلول العصور الوسطى في العالم الغربي، ابتداءً من القرن التاسع الميلادي على وجه الخصوص، تسارعت هذه العملية وتبلورت حيث ملأ اليهود الفراغات بين طبقة النبلاء وطبقة الفلاحين وأصبحوا أقنان بلاط، أي جماعة وظيفية مالية تابعة للبلاط الملكي تضطلع بدور التجارة والربا وجمع الضرائب، وكلها مسميات مختلفة للجماعة الوظيفية التي تُستخدَم كأداة نافعة. ونظراً لوجود جماعات يهودية في العالمين الإسلامي والمسيحي، فقد استفاد أعضاؤها من شبكة الاتصالات الدولية وأصبحوا يشكلون ما يشبه الجماعة الوظيفية المالية على المستوى الدولي، واشتغلوا بالتجارة الدولية (مثل تجارة الفراء والمنسوجات والتوابل والرقيق) وأعمال الصيرفة. وبدأ تَركُّزهم في الحرف التي تتطلب مهارة فنية فائقة مثل صناعة الزجاج والصباغة أو ترتبط بسلع معينة مثل الذهب ودبغ الجلود والخمور (وهي عادةً سلع نادرة أو نفيسة أو غير عادية وذات طابع استهلاكي) أو بالحرَف التي يمكن لصاحبها أن يحمل أدواته ورأسماله معه (السجاد - الجواهر - أدوات إنتاج خاصة) .