ويُطلَق مصطلح» العلم الطبيعي» على كل دراسة تتناول معطيات الواقع المادي بكلياته وجزئياته. ووسيلة هذه الدراسة هي منهج الملاحظة المباشرة والتجربة المتكررة والمتنوعة. والدراسة وكذلك عمليات التجريب تتم بهدف التفسير من خلال التوصل إلى تعميمات وقوانين تحقق الانتقال من الخاص إلى العام وتكشف عن العلاقات المطّردة الثابتة بين الظواهر. وهذه القوانين يتم التعبير عنها عن طريق تحويل صفات الكيف (التي لا تُقاس) إلى صفات كم بحيث يتم التعبير عنها برموز رياضية. وتتميَّز قوانين العلوم الطبيعية بأنها دقيقة وعامة تتخطى الزمان والمكان، وهي حتمية (ولكنها، بعد اهتزاز الحتمية، أصبحت احتمالية ترجيحية: ترجيحية تقارب اليقين وتظل صالحة للاستعمال حتى يثبت بطلانها (.
ويذهب البعض إلى أن نموذج العلوم الطبيعية (بما ينطوي عليه من واحدية موضوعية مادية) لابد أن يُطبَّق في كل العلوم الأخرى (وضمن ذلك العلوم الاجتماعية والإنسانية) . وقد لاحظ كثير من العلماء في الشرق والغرب خلل مثل هذه المحاولة نذكر منهم د. حامد عمار، د. توفيق الطويل، د. حسن الساعاتي (الذين يعتمد هذا المدخل على كتاباتهم) وبينوا الاختلافات بين الظاهرة الإنسانية والظاهرة الطبيعية، ونوجزها فيما يلي:
١ـ أ) الظاهرة الطبيعية مُكوَّنة من عدد محدود نسبياً من العناصر المادية التي تتميَّز ببعض الخصائص البسيطة، وهذا يعني أنه يمكن تفتيتها إلى الأجزاء المكوِّنة لها. كما أن الظاهرة الطبيعية توجد داخل شبكة من العلاقات الواضحة والبسيطة نوعاً والتي يمكن رصدها.