للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أصبح أعضاء الجماعة اليهودية، بعلاقتهم القوية مع النبلاء والقوى التجارية الدولية، محميين من تقلبات المجتمع الإقطاعي ومن غش وخداع البلديات والموظفين الملكيين، ووجدوا المناخ المستقر الذي يحتاج إليه النشاط التجاري والمالي دون ضغوط وتهديد. وتَحسَّن وضعهم كثيراً. وقد أصبح بعض يهود بولندا وروسيا من كبار تجار الأخشاب والحبوب في أوربا.

وكان مسرح نظام الأرندا هو أوكرانيا التي أصبحت النقطة التي التقت فيها عناصر عديدة غير متجانسة أهمها النبلاء البولنديون الإقطاعيون الكاثوليك والفلاحون الأوكرانيون الأرثوذكس (الذين يتحدثون الأوكرانية) والتجار اليهود (الذين يتحدثون اليديشية) غير المنتمين لهذا أو ذاك والذين يشكلون الوسيط التجاري والإداري والمالي بين الطرفين (إلى جانب الغجر والتتار وبعض الأرمن) .

ويُلاحَظ أن التقسيم الطبقي كان أيضاً تقسيماً عرْقياً وإثنياً ودينياً. ولم يكن نشاط الأرندا مقصوراً على أوكرانيا وبولندا بل أصبح جزءاً من شبكة تجارة دولية. فكان كبار النبلاء الإقطاعيين البولنديين يمتلكون الأرض في أوكرانيا ويؤجرونها، والألمان يديرون الموانئ على بحر البلطيق، والهولنديون يمتلكون السفن البحرية لنقل السلع. أما أعضاء الجماعة اليهودية، فقد قاموا ببقية العملية ومن بينها نقل المحاصيل بوسائل النقل النهري التي كانوا يمتلكونها. وقد نشأت علاقة قوية بين يهود البلاط في دول أوربا الوسطى، وبين يهود الأرندا إبان حرب الثلاثين عاماً، حيث كان يهود البلاط يستوردون الحبوب من بولندا. وكان يهود الأرندا يقومون بتدبير الغلال المطلوبة التي كانت تتزايد حاجة أوربا إليها (وهذا يبين كيف كانت العلاقات بين الجماعات اليهودية تُسهِّل اتصالاتهم وتجعل منهم شبكة قوية ووحيدة للتجارة الدولية) .

<<  <  ج: ص:  >  >>