ويمكن القول بأن الأرندا الإقطاعية الاستيطانية تُكمل الحلقة المفقودة بين تجربة يهود الغرب والتجربة الصهيونية. فالعلاقة الثلاثية (النبلاء البولنديون ـ الوسطاء اليهود المستوطنون ـ أقنان أوكرانيا) تشبه كثيراً العلاقة الثلاثية السائدة في الشرق الأوسط (الإمبريالية الأمريكية ـ الوسطاء الصهاينة المستوطنون - عرب فلسطين) . والعنصر اليهودي في كلتا الحالتين عنصر استيطاني نافع يتم الحفاظ عليه بمقدار نفعه وليست له أهمية في حد ذاته.
وما حدث، بشيء من التبسيط، هو أن المماليك التجارية الاستيطانية شبه القتالية في أوكرانيا تحوَّلت إلى مماليك استيطانية قتالية شبه تجارية في فلسطين بعد تأسيس الدولة المملوكية الصهيونية، وهي دولة ذات قيمة إستراتيجية عسكرية بالنسبة للغرب (بالدرجة الأولى) وذات أهمية تجارية اقتصادية (بالدرجة الثانية) .ومع ظهور النظام العالمي الجديد، قد تتراجع الوظيفة العسكرية القتالية لتشغل المرتبة الثانية بينما تشغل الوظيفة التجارية الاقتصادية الدرجة الأولى، ولذلك سيتطابق وضع الدولة الصهيونية مع يهود الأرندا إذ ستصبح دولة وظيفية تجارية شبه قتالية. ونحن، بهذا، نكون قد اكتشفنا استمرارية تاريخية ونمطاً متكرراً داخل التاريخ الغربي الحقيقي، وليس استمرارية ميتافيزيقية داخل التاريخ اليهودي الوهمي.