للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو أن التحريم التلمودي الخاص بتناول خمور الأغيار جعل أعضاء الجماعات اليهودية مضطرين إلى أن يكون لهم كرومهم ومصانع الخمور الخاصة بهم. ولكن، مع بداية القرن الخامس عشر الميلادي في الغرب، كانت كل مزارع الكروم المملوكة لليهود قد تمت تصفيتها مع انسحابهم التدريجي من مهنة الزراعة. ولكن اتجارهم في النبيذ والمشروبات الكحولية استمر حتى أصبحت هذه المهنة إحدى المهن أو الوظائف اليهودية الأساسية في شرق أوربا وألمانيا. ومع بداية القرن السادس عشر حتى القرن التاسع عشر الميلادي، كان إنتاج المشروبات الكحولية وبيعها في بولندا وليتوانيا عملاً أساسياً يمتهنه أعضاء الجماعات اليهودية ومصدراً من أهم مصادر الدخل بالنسبة لهم، كما أصبح هذا العمل مهنة أساسية في بوهيميا والمجر. وقد ازداد ارتباط أعضاء الجماعات اليهودية بتجارة الخمور نتيجة لنظام الأرندا. فرغم أن الخمور كانت تمثل الترف الأساسي في حياة الفلاحين، إلا أنهم كانوا ممنوعين من تقطيرها، إذ أن هذا الحق كان مقصوراً على النبلاء البولنديين، وكان تأجير هذا الحق مصدراً أساسياً للريع الذي يحصل عليه النبيل من مستأجر الامتياز (الأرنداتور) . فكان اليهود يستأجرون معامل التخمير والتقطير والحانات، والتي كانت مرتبطة بنظام الأرندا في بولندا وأوكرانيا وروسيا البيضاء. وقد أصبح اليهودي (صاحب الحانة) شخصية أساسية في الريف الأوكراني وفي المدن الصغيرة. وكان اليهود يحتكرون ـ تقريباً ـ إنتاج وبيع المشروبات الكحولية. وكانت نسبة عالية منهم تعمل في هذه التجارة حتى بلغت، في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، ١٥% من مجموع يهود المدن و٨٥% من يهود الريف.

وقد تسبَّب اشتغال اليهود بهذه التجارة في نشوء كثير من التوترات بينهم وبين بقية السكان. كما كان الفلاحون السلاف يفرطون في الشرب، وهو ما كان يزيد من أرباح اليهود، خصوصاً أن أعضاء الجماعة اليهودية كانوا لا يشربون بهذا الإفراط.

<<  <  ج: ص:  >  >>