وتزايدت أهمية الإعلانات في التجارة مع تزايد علمنة المجتمع وتزايد حدة المنافسة التجارية. لكن النقلة النوعية حدثت مع النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بعد أن حقَّقت الثورة الصناعية توسعاً في الإنتاج، وبعد نمو طبقة وسطى من المستهلكين شكلت السوق الأساسية للمنتجات والسلع الاستهلاكية المختلفة، حيث أصبحت الإعلانات جزءاً لا يتجزأ من آليات السوق. وقد كان أعضاء الجماعات اليهودية من العناصر الرائدة في قطاع الإعلان نتيجة ميراثهم التاريخي كجماعات وظيفية تمتلك خبرات تجارية ومالية مهمة أهلتهم لدخول مجالات كانت لا تزال تُعَدُّ جديدة وغير مألوفة وبالتالي تتميَّز بقدر كبير من المخاطرة. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن فهم ارتباط أعضاء الجماعات اليهودية بصناعة الإعلان من خلال ارتباطهم بتجارة التجزئة والصحافة اللتين كانتا أيضاً من الأنشطة الجديدة التي صاحبت نمو المجتمعات الصناعية الرأسمالية، وهي أنشطة احتل فيها أيضاً أعضاء الجماعات اليهودية مكان الريادة. وبالتالي اكتسبت صناعة الإعلان أهمية كبيرة لتسويق منتجات مؤسسات التجزئة التجارية الجديدة، في حين شكلت الصحافة الأداة الرئيسية للإعلان عن هذه المنتجات.
ويُعتبَر الأمريكي اليهودي ألبرت لاسكر أباً لصناعة الإعلان الحديثة حيث عمل على تحويل مهمة وكالة الإعلان، من مجرد وسيط بين المؤسسات التجارية التي كانت تضع برنامج الإعلانات لمنتجاتها من ناحية والصحافة وأجهزة الإعلام من ناحية أخرى، لتصبح الجهة الرئيسة المسئولة عن رسم وتخطيط ونشر الإعلانات الخاصة بمنتجات هذه المؤسسات. وقد انضم لاسكر عام ١٨٩٨ إلى وكالة إعلان لورد وتوماس في شيكاغو، وأصبح عام ١٩٠٤ (وعمره ٢٤ سنة) شريكاً بها، ثم أصبح مالكها الوحيد عام ١٩١٢. وقد نجح لاسكر خلال ثلاثة عقود في تحويلها إلى واحدة من أهم وكالات الإعلان في الولايات المتحدة.