وكان أعضاء الجماعات اليهودية الوظيفية في الحضارة الغربية، والمماليك في المجتمعات العربية، يُعدّون ملكية خاصة للملك، وكلمة «مملوك» مشتقة من كلمة «ملْك» وتشير إلى العبد المملوكي وتعني «الخادم» أو «العبد» . أما أعضاء الجماعات اليهودية في العصور الوسطى، فكان يُشار إليهم باسم «أقنان البلاط» ، (باللاتينية: «سيرفي كاميراي ريجيس servi camerae regis» ) وكلمة «سيرفوس servus» اللاتينية تعني «خادم» أو «قن» أو «عبد» . وقد كان كل من المماليك وأعضاء الجماعات اليهودية قريبين من النخبة الحاكمة، فهم أداتها في الاستغلال والقمع والغزو، ولذا تَركَّز الفريقان في المدن. ولنا أن نلاحظ أن كلاًّ من المماليك وأعضاء الجماعات الوظيفية اليهودية يؤمن بأنه شعب مختار أو نخبة مختارة، وكان الإحساس بالحرية والحتمية (أو عبث الوجود) أمراً مشتركاً بينهما. كما أن أعضاء الجماعتين كانوا يطبقون معيارين أخلاقيين مزدوجين: واحد يُطبَّق على الجماعة الوظيفية المقدَّسة، والآخر على المجتمع المضيف المباح. وكان كل من المماليك وأعضاء الجماعات اليهودية الوظيفية يمتلك أداة يجيد استخدامها أكثر من أعضاء المجتمع المضيف: السيف في حالة المماليك، ورأس المال الربوي والخبرة التجارية والإدارية في حالة أعضاء الجماعات اليهودية. ويُلاحَظ أن المماليك وأعضاء الجماعات اليهودية كانوا محط خوف الجماهير وكراهيتها، وأنهم سقطوا صرعى عمليات التحديث وظهور الدولة القومية الحديثة. ولعلنا لو قارنا إبادة المماليك على يد محمد علي وإبادة يهود الغرب على يد هتلر لاتُهمنا بالمبالغة والشطط، ولكنهما مع هذا مبالغة وشطط ينيران جوانب من الواقع.