وكلمة «البغاء» تقابلها في العبرية كلمة «زينوت» . وقد كانت البغيُّ شخصية مقبولة وإن كانت مُحتقَرة في المجتمع العبراني القديم. ففي سفر التكوين (٣٨/١٤ ـ ١٩) جاء أن يهودا عاشر عاهرةً نظير أجر. ولا يوجد في السياق ما يدل على أن هذا أمر مرفوض أخلاقياً (وقد اتضح فيما بعد أن العاهرة هي تامار زوجة ابنه الذي مات، وقد أنجبت من والد زوجها طفلين) . ويذكر سفر يشوع قصة العاهرة راحاب التي ساعدت العبرانيين على دخول أريحا (يشوع ٢/١ ـ حتى نهاية السفر) . وترد في سفر الملوك الأول ٣/١٦) ـ ٢٧) قصة سليمان مع الأُمَّين اللتين تنازعتا طفلاً، وهما في القصة عاهرتان. وتوجد في سفر القضاة (١٦/١) إشارة إلى زيارة شمشون لعاهرة في غزة. بل ويمكن أن نفهم من السياق في العهد القديم أن إبراهيم قد استفاد مالياً من العلاقة الجنسية لزوجته بفرعون مصر، وقد تكررت الحادثة بعد ذلك. كما يبدو أن إستير (البطلة اليهودية التي يُقرأ السفر المسمَّى باسمها في عيد النصيب) هي الأخرى عاهرة. والإشارات والقصص كافة تفترض أن مهنة البغاء مهنة طبيعية، قد تكون وضيعة ولكنها، مع هذا، جزء من البناء الاجتماعي والأخلاقي. وقد ورد في العهد القديم فقرات لا تُحرِّم البغاء في حد ذاته، وإنما تُحرِّم على العبرانيين أن يدعوا بناتهم يعملن بهذه المهنة:«لا تدنس ابنتك بتعريضها للزنى لئلا تزني الأرض وتمتلئ الأرض رذيلة»(لاويين ١٩/٢٩) ، وهناك فقرات تُحرِّم على الكهنة الزواج من عاهرات:«امرأة زانية أو مدنَّسة لا يأخذ ولا يأخذوا امرأة مطلقة من زوجها»(لاويين ٢١/٧) . وهي تحريمات ليست عامة أو مطلقة وإنما مقصورة على أفراد معيَّنين وتحت ظروف معيَّنة. ولذا، فإننا نجد إشارات عديدة في العهد القديم إلى عاهرات يقمن بوظيفتهن بشكل شبه عادي (أمثال ٧/١٠ ـ ٢٣، أشعياء ٢٣/١٦، ملوك ٢٢/٣٨) .