وقد تقبَّل اليهود الصهاينة هذا الحل الصهيوني غير اليهودي. فهرتزل يتحدث عن الدولة الصهيونية باعتبارها حائطاً غربياً يقف في الشرق ليصد الهمجية ويتمتع بالحماية الغربية بالمقابل (مثلما تمتع يهود أوربا بحماية الملك والحاكم) ، كما يتحدث عن اليهود باعتبارهم مادة نافعة يمكن الاستفادة منها في خدمة إنجلترا وغيرها من الدول الغربية. أما ماكس نوردو، فكان يرى أن المشروع الصهيوني يرمي إلى مدّ حدود أوربا إلى الشرق وإلى تخليصها من العنصر اليهودي الحدودي. وقد وصف وايزمان الدولة الصهيونية المزمع إنشاؤها بأنها بلجيكا آسيوية. وهو محق في قوله، فبلجيكا في علاقتها بإنجلترا تشبه علاقة فلسطين بمصر في كثير من الوجوه. وقد أكد جابوتنسكي أن كون اليهود عنصراً حدودياً سيجعلهم يدينون دائماً بالولاء للغرب وسيحول فلسطين إلى دولة حدودية وظيفية. وهذا على عكس فلسطين العربية التي ستدخل الفلك العربي الإسلامي، وبذا تفقد حدوديتها. وقد نجحت الصهيونية بمساعدة الإمبريالية الغربية في تأسيس الدولة الصهيونية الوظيفية التي تقع بين آسيا وأفريقيا، وتطل على قناة السويس وتخلق ثغرة بين شرق العالم العربي وغربه، وهي قاعدة استيطانية قتالية ومالية للإمبريالية الغربية في المنطقة، ووجودها منوط بحدوديتها الجغرافية والوظيفية، أي بوجودها في هذه المنطقة الإستراتيجية وبنجاحها في أداء وظيفتها القتالية والاستيطانية.