أما كورنيليوس هرتز (١٨٤٥ ـ ١٨٩٨) ، فقد أبرم اتفاقاً سرياً مع قناة بنما استلم بموجبه ٦٠٠ ألف فرنك مقابل استخدام نفوذه وعلاقاته لدى بعض الشخصيات السياسية الفرنسية المهمة لصالح الشركة. كما نص الاتفاق على أن يتسلم هرتز مبلغ عشرة ملايين فرنك فور إقرار مشروع اليانصيب في البرلمان على أن تتم عمليات الدفع كلها عن طريق رايناخ. وقد كانت شخصية هرتز شخصية مثيرة للريبة والتكهنات، فقد وُلد في فرنسا لأبوين ألمانيين ثم هاجرت أسرته إلى الولايات المتحدة. وعاد هرتز في شبابه إلى فرنسا لدراسة الطب، وانضم كمساعد جراح في الجيش الفرنسي أثناء الحرب الفرنسية البروسية في نيويورك ولكنه ترك الجيش بعد ثلاثة أشهر بعد أن اكتشف المسئولون في المستشفى العسكري أنه لم يتخرج من أية جامعة في فرنسا ولم يحصل على شهادة إتمام دراسة الطب. وقد انتقل هرتز بعد ذلك إلى سان فرانسيسكو حيث افتتح عيادة طبية، ولكنه سافر عام ١٨٧٧ بشكل مفاجئ مع أسرته إلى فرنسا وتبين فيما بعد أنه احتال على بعض مرضاه وزملائه من الأطباء وأخذ منهم حوالي ١٤٠ ألف دولار. وفي باريس، استثمر أمواله بمساعدة رايناخ في بعض المشاريع، وبدأ في بناء شبكة واسعة من العلاقات مع العديد من الشخصيات الفرنسية المهمة من بينها رئيس الدولة ورئيس الوزراء وجورج كليمنصو الذي ساهم هرتز في تأسيس وتمويل جريدته. وقد اتُهم هرتز بأنه كان عميلاً لبريطانيا، لكن ذلك لم يتأكد قط.
وقد رفضت الشركة أن تدفع له العشرة ملايين فرنك عقب تصويت البرلمان الفرنسي لصالح مشروع اليانصيب، بدعوى أن هرتز لم يلعب في ذلك دوراً يُذكَر. إلا أن هرتز نجح في أن يستنزف من الشركة ملايين الفرنكات من خلال ابتزاز رايناخ الذي يبدو أن هرتز كان على علم ببعض الأسرار المشينة في حياته ومنها ما قيل من أنه باع أسرار الدولة الفرنسية إلى إيطاليا أو بريطانيا.