١٣ ـ أدَّى ظهور وسائل الإعلام الحديثة إلى وجود قنوات تنقل الفكر العنصري بسهولة ويسر إلى ملايين الناس وتشيعه بينهم.
١٤ ـ تزامن كل هذا مع الكساد الاقتصادي في أواخر القرن، الأمر الذي زاد من حدة التوتر الاجتماعي.
وقد أدَّت كل هذه الأسباب مجتمعةً إلى تحوُّل كُره اليهود من مجرد عواطف إنسانية كامنة إلى حركات سياسية. ويعود التاريخ الحديث لمعاداة اليهود على أساس عرْقي إلى عام ١٨٧٣ (في وسط أوربا) ، وذلك مع انهيار البورصة التي كان لبعض المموِّلين اليهود ضلع فيها، ومع الصعوبات الاقتصادية التي بدأت تطل برأسها. وقد أسس قس البلاط الألماني، أدولف ستوكر، حزباً مسيحياً اجتماعياً عام ١٨٧٨، وتوجه إلى البورجوازية الصغيرة وكذلك إلى المهنيين الذين كانوا يتصورون أنهم ضحية هيمنة الرأسمالية اليهودية على الاقتصاد. وطرح الحزب مفهوماً عضوياَ للقومية يستبعد اليهود ويراهم خطراً على الأمن. وفي هذه الفترة، ظهرت كتابات دوهرنج وترايتشكه وغيرهما. وفي عام ١٨٨٠، أُسِّست في برلين عصبة المعادين لليهود. وقدَّم المعادون لليهودية عريضة للحكومة الألمانية موقعة من ٢٢٥ ألف شخص تطلب إلى الحكومة أن توقف جميع أشكال الهجرة اليهودية التي كانت تتدفق من الجيب البولندي وأن تصدر تشريعات لاستبعاد اليهود. وقد عُقد أول مؤتمر دولي لمعاداة اليهود في عام ١٨٨٢ وضم ثلاثة آلاف مندوب.
وفي عام ١٨٩٣، حققت الأحزاب المعادية لليهود في ألمانيا أكبر نجاح انتخابي لها حين حصلت على ستة عشر مقعداً بعد أن نالت ربع مليون صوت. أما في النمسا، فقد شهد عام ١٨٧١ نشر كتاب عن التلمود من تأليف أوجست رولنج، ترك أثراً عميقاً في حركة معاداة اليهود.