«حادثة دريفوس» يُشار إليها أيضاً بعبارة «واقعة دريفوس» ، وبطلها هو ألفريد دريفوس (١٨٥٦ ـ ١٩٣٥) الذي كان من كبار الضباط الفرنسيين، واليهودي الوحيد في هيئة أركان الجيش الفرنسي. وُلد في مقاطعة الألزاس باسم «مولهاوزن» لأسرة يهودية ثرية مندمجة في محيطها الفرنسي. ونظراً لأن اسمه ألماني الطابع، فقد غيره إلى اسمه الذي اشتهر به. وقد اتُهم دريفوس بسرقة وثائق سرية عسكرية بمساعدة الماسونيين، وتسليمها إلى الملحق العسكري الألماني في باريس، فوُجِّهت إليه تهمة الخيانة العظمى والتجسس لحساب ألمانيا عام ١٨٩٤. وقامت السلطات العسكرية بمحاكمته، وتابعت الصحافة المعادية لليهود آنذاك الأحداث وعبأت الرأي العام ضده، الأمر الذي خلق جواً غير ملائم لضمان حياد المحاكمة. وفي نهاية الأمر، قضت المحكمة عليه بالسجن مدى الحياة، وجُرِّد من رتبته علناً أمام الجماهير، ونُفي إلى جزيرة الشيطان (ديفلز أيلاند) التي تقع على الساحل الأفريقي (وكانت مستعمرة فرنسية) . ورحبت الصحافة المعادية لليهود بالحكم.
ويُقال إن واقعة دريفوس تركت أثراً عميقاً في تيودور هرتزل لدرجة أنه اكتشف عبث محاولة الاندماج، فتبنَّى بدلاً من ذلك الحل الصهيوني. ولكن هذه الفكرة في حد ذاتها عملية تبسيط فجة للعوامل التي أدَّت بهرتزل إلى اقتراح الدولة الصهيونية حلاًّ للمسألة اليهودية. والحقيقة التي لا توردها المراجع الصهيونية هي أن هرتزل نفسه كان مقتنعاً في بادئ الأمر بأن دريفوس كان مذنباً وخائناً، ولا أحد يدري ما الذي جعله يغيِّر رأيه فيما بعد، ولكن هذا ليس هو موضوعنا الأساسي. وقد يكون من الأجدى وضع واقعة دريفوس في إطارها التاريخي والاجتماعي والإنساني.