للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد شُنت حملة إعلامية مكثفة قادها المفكر الفرنسي اليهودي برنارد لازار للمطالبة بإعادة النظر في القضية حيث كتب عدة مقالات دافع فيها بحماس عن دريفوس، كما طالب رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي بإعادة النظر في القضية لاقتناعه ببراءته. وتحت إلحاح الموقف المتفجر وإصرار بيكار، قُبض على الميجور إسترهازي وحوكم ذراً للرماد في العيون ولكن سرعان ما بُرئ لعدم كفاية الأدلة. فكتب الروائي الفرنسي إميل زولا سلسلة مقالات تحت عنوان «إني أتهم» هاجم فيها المحاكمتين، وكانت النتيجة أن اتُهم زولا بالقذف العلني وحكم عليه بالسجن ففر إلى إنجلترا.

وفجأة، برزت أحداث جديدة غيرت مجرى القضية، فقد انتحر الكولونيل هيوبرت جوزيف هنري أثناء استجوابه، وهو شاهد الإثبات الأول في القضية، بعد أن اعترف بتزويره الوثائق التي أدَّت إلى إدانة دريفوس. وعندما علم إسترهازي بحادث الانتحار اعترف بجريمته وفر إلى إنجلترا. وفي صيف عام ١٨٩٩، أمرت محكمة النقض بإعادة محاكمة دريفوس على ضوء الأحداث التي استجدت. وتحت ضغط بعض الشخصيات من ذوي النفوذ في الجيش، أُعلن مرة أخرى أنه مذنب. وفي هذه المرة حُكم عليه، مع مراعاة الظروف المخففة، بالحبس عشر سنوات كان قد قضى خمساً منها في المنفى. وبعد عدة أيام أمر الرئيس الفرنسي إميل لوبيه بالعفو عنه. وقد حثه كثير من أصدقائه والمدافعين عنه على استئناف المعركة لإثبات براءته التامة، وذلك لأن القضية قضية مبدئية تتجاوز الأشخاص. غير أن ألفريد دريفوس نفسه لم يكن مدركاً للأبعاد السياسية التي اتخذتها هذه القضية، فكان كل ما يتمناه وتتمناه عائلته الثرية المندمجة هو الإفراج عنه سواء عن طريق العفو أو التبرئة، ولهذا، قبل قرار العفو. أما بيكار، فأصبح بطلاً قومياً ورقاه رئيس الجمهورية إلى مرتبة بريجادير جنرال، وعُيِّن فيما بعد وزيراً للحرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>