وسواء أكان هذا الرأي الأخير صحيحاً أم كاذباً، فإن ترويج البروتوكولات يخدم المصالح الصهيونية من الناحية العملية. ويتم الآن، في العالم العربي، تداول كم هائل من الكتابات (مثل أحجار على رقعة الشطرنج وغيرها) كل هدفها إشاعة الخوف من اليهود والصهيونية بتبنِّي رؤية بروتوكولية تنسب إلى اليهود قوى عجائبية. ويساهم بعض أعضاء النخب الحاكمة في الترويج لهذه البروتوكولات لتبرير العجز العربي والتخاذل أمام العدو الصهيوني، دون أن يدركوا أنهم بهذا إنما يخدمون مصلحة العدو. وقد صرح المعلق السياسي الإسرائيلي يوئيل ماركوس في جريدة هآرتس (٣١ ديسمبر ١٩٩٣) بأن كثيراً من الدول تغازل إسرائيل وتحاول أن تخطب ودها نظراً لأن حكام هذه الدول يؤمنون بأن البروتوكولات وثيقة صحيحة وأن ما جاء فيها هو المخطط الذي يتحقق في العالم والذي سيؤدي إلى سيطرة اليهود وأن اليهود يتحكمون بالفعل في رأس المال العالمي وفي حكومة الولايات المتحدة. ومن ثم فالطريق إلى المعونة الأمريكية يمر من خلال اللوبي الصهيوني والدولة الصهيونية. ويضيف ماركوس معلقاً على هذه المفارقة:"إن البروتوكولات [بسبب أثرها هذا الذي يولِّد الرهبة في النفوس ويدفع الناس لمغازلة إسرائيل واليهود] تبدو كأن الذي كتبها لم يكن شخصاً معادياً لليهود، وإنما يهودي ذكي يتسم ببعد النظر". وقد أثبتت الانتفاضة الفلسطينية أن اليهود بشر وأن إلحاق الأذى بهم وهزيمتهم أمر ممكن، وأنهم قد يهاجمون عدوهم كالصقور حينما تسنح الفرصة ثم يفرون كالدجاج حينما يدركون مدى قوته وإصراره. والاستمرار في إشاعة الرؤية البروتوكولية هو نوع من الإصرار على مد يد العون للعدو الصهيوني، وعلى التنكر لإنجازات الانتفاضة.