٣ ـ طرح الإسلام من البداية مفاهيم أخلاقية ومقولات قانونية للتعامل مع الأقليات الدينية والعرْقية (وهو في هذا متسق إلى حدٍّ كبير مع التقاليد الحضارية في الشرق الأوسط في كثير من مراحله التاريخية) ، بينما فشلت المسيحية الغربية في تطوير أية مقولات بشأن الأقليات، حيث لا يصلح مفهوم المحبة (المسيحي) لتنظيم العلاقة بين الأقلية والأغلبية. وفي الوقت نفسه، ظهر مفهوم الشعب الشاهد (الكاثوليكي) والعقيدة الاسترجاعية (البروتستانتية) وهي مفاهيم تتسم بالإبهام الشديد، فهي من ناحية تضع اليهود في مركز الكون باعتبارهم شعباً مقدَّساً، حَمَلة الكتاب المقدَّس، ويتوقف خلاص الكون على استرجاعهم، ولكنهم أيضاً هم قتلة الإله، وهم كذلك في شتاتهم وضعَتهم يقفون شاهداً على عظمة الكنيسة. كما أن خلاص الكون يتوقف على تنصيرهم. وقد ورثت المسيحية الغربية العرف الألماني حيث طُبِّق قانون الصيد على اليهود، وهو قانون يجعل من الغريب ملكاً للملك ومن ثم أصبح اليهود ملكية للملك، وكذلك كتلة بشرية تتعاقد مع الحكومة وليسوا أهل ذمة، فكانوا يوقعون المواثيق التي تمنحهم الحماية والمزايا نظير خدمات يؤدونها أو ضرائب أو مبالغ مالية يدفعونها.
٤ ـ تحوَّلت الجماعات اليهودية إلى جماعات وظيفية تقف على هامش المجتمع دون أن تصبح من صميمه. وحينما بدأت عملية علمنة الفكر والحضارة الغربية، تمت مناقشة المسألة اليهودية في ضوء مفهوم نفع اليهود، وهو أمر منطقي للغاية إذ أن الجماعة الوظيفية هي جماعة يستند بقاؤها إلى مدى نفعها.
٥ ـ ترجم كل هذا نفسه إلى مفهوم الشعب العضوي المنبوذ الذي يشكل إطار كل من العداء العرْقي لليهود والتحيز الصهيوني لهم.
٦ ـ ظل اليهود خارج التشكيل الرأسمالي كرأسمالية منبوذة. كما أن الفكر الاشتراكي، كان ينظر إليهم باعتبارهم عناصر تجارية طفيلية مستغلة.