للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قام شكسبير بتناول هذا النمط الإدراكي الاختزالي والعنصري في شخصية شيلوك في مسرحية تاجر البندقية. ولكن تناول شكسبير لهذا النمط الإدراكي هو نموذج جيد للأدب العظيم الذي يتجاوز كل محاولات الاختزال التي يتسم بها الفكر العنصري، فهو يقدم تصويراً مركباً لهذه الشخصية الأمر الذي جعل النقاد يقدمون تفسيرات عديدة لأبعادها وأصلها ودلالتها ويركز كل تفسير على بُعد واحد أو بُعدين، مع أن كل العناصر متداخلة. ولكن هذه هي حدود اللغة النقدية: إنها تقوم بتفكيك العمل الأدبي ثم تركيبه، فتقدم كل عنصر على حدة، وكأنه مستقل بذاته، على عكس العمل الأدبي الذي يقدِّم العناصر كافة في تداخُّلها وتركيبيتها وتزامنها. ورغم إدراكنا لهذه العناصر كافة، إلا أننا سنقوم بتقديم هذه التفسيرات المختلفة، كلاًّ على حدة، على أن يقوم القارئ برؤيتها في تلاحمها وتمازجها. ولن نُقدِّم هنا قراءة أدبية للنص ذاته، مسرحية تاجر البندقية، وإنما سننظر إلى النص باعتباره تعبيراً عن مواقف إنسانية متباينة متنوعة تُعبِّر عن نفسها خلال مستويات مختلفة (اجتماعية وفلسفية ونفسية وتاريخية وأدبية) أي أن اهتمامنا ليس أدبياً صرفاً، إذ أننا سنستخدم النص في دراسة هذه المواقف الإنسانية. ورغم أن دراستنا ليست أدبية خالصة، إلا أنها ستنير العمل الأدبي:

<<  <  ج: ص:  >  >>