هذا هو السياق الاجتماعي والسياسي العام الذي أدَّى إلى احتدام التناقضات والثورات داخل المجتمع الألماني والذي أدَّى في نهاية الأمر إلى تَفجُّر الوضع الداخلي وظهور الأفكار الشمولية الاستبعادية وإلى ظهور إمبريالية تتجه نحو «الداخل» الأوربي بعد أن حُرمت من "الخارج" الآسيوي والإفريقي " العالمي". فقد اتجه المشروع الاستعماري الألماني بكل قوته، حينما استعادها، نحو الداخل، أي نحو الشعوب السلافية المجاورة والأقليات المختلفة مثل الغجر واليهود، حيث اعتبر المناطق التي تعيش فيها مجاله الحيوي، الذي لابد من تفريغه من تلك العناصر التي لا تنتمي إلى الفولك والتي تعوق تحقيقه لمصلحته وأهدافه.
السياق السياسي والاجتماعي الألماني اليهودي للإبادة
Jewish-German Political and Social Context of the Extermination
ولكن إلى جانب هذه الظروف الألمانية العامة، كانت هناك ظروف خاصة بأعضاء الجماعة اليهودية في ألمانيا ساهمت في تحويل الموقف المتفجر إلى وضع مدمر بالنسبة لهم ولغيرهم من الأقليات، وهو ما سنتناوله في هذا الجزء.
لم يكن للجماعة اليهودية في ألمانيا وزن عددي يذكر. فمن الناحية الكمية المحضة، لم يكن أعضاؤها يُشكلون أي تحدٍّ خاص للأغلبية الألمانية الساحقة كما يبيِّن الجدول التالي:
السنة / عدد اليهود / النسبة الى عدد السكان
١٨٧١ / ٥١٢١٥٠ / ١.٢٢%
١٨٨٠ /٥١٢٦١٢ / ١.٢٤%
١٨٩٠ /٥٦٧٨٨٤ / ١.١٥%
١٩٠٠ /٥٨٦٨٣٣ / ١.٠٤%
١٩١٠ /٦١٥.٠٢١ / ٠.٩٥%
ويُلاحَظ من الجدول السابق أن الجماعة اليهودية لم تكن آخذة في التزايد برغم الانفجار السكاني في أوربا في القرن التاسع عشر (زاد عدد يهود شرق أوربا بين عامي ١٨٠٠ و١٩٣٥ بنحو ستة أضعاف) . كما أن نسبة يهود ألمانيا إلى عدد السكان كانت آخذة في التناقص، وقد تزايد هذا الاتجاه عام ١٩١٠ بسبب التنصُّر والزواج المختلط الذي بلغت نسبته بين عامي ١٩٢١ و١٩٢٧ نحو ٤٤.٥% من جملة الزيجات اليهودية.