للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأدَّى تركز يهود ألمانيا في المدن إلى وضوح تمايزهم الوظيفي والمهني، وهي ظاهرة موغلة في القدم في دول وسط أوربا، وخصوصاً في ألمانيا. فلقد كان أعضاء الجماعة اليهودية في الإمارات الألمانية يُشكِّلون، في العصور الوسطى، جماعة وظيفية وسيطة تضطلع بدور التاجر والصيرفي والمرابي، ثم تم طردهم من عدة مدن وإمارات ألمانية، فهاجروا منها إلى مدن وإمارات ألمانية أخرى. ولكن، مع حلول القرن السادس عشر، سُمح لليهود بالاستقرار في كثير من المدن والإمارات التي كانوا قد طُردوا منها، وتم استقدامهم كعنصر تجاري نشط لديه رأس المال اللازم والاتصالات الدولية. وكان يهود المارانو (الذين طُردوا من شبه جزيرة أيبريا) من أهم هذه العناصر. وعادةً ما كان يتم استقدام اليهود، سواء في العصور الوسطى أو في القرن السادس عشر، بأمر من الإمبراطور أو الأمير أو النخبة الحاكمة، فكان أعضاء الجماعات اليهودية يتبعون النخبة الحاكمة (أو أحد أعضائها) بشكل مباشر ويُشكِّلون مصدر دخل كبير لها، وكان الممولون اليهود يقومون باعتصار الجماهير من خلال الفوائد الضخمة التي يُحصِّلونها على قروضهم. ولكن النخبة الحاكمة كانت تستولي على نسبة ضخمة من الأرباح في نهاية الأمر عن طريق الضرائب التي تفرضها على أعضاء الجماعات اليهودية. وفي القرن السادس عشر ظهرت مهنة يهودي البلاط الذي يدير الخزانة الملكية ويعقد الصفقات والقروض بالنيابة عن الأمراء ويمول الحروب ويدير الاتصالات التجارية اللازمة، أي أن أعضاء الجماعة اليهودية في ألمانيا كانوا مرتبطين بالحاكم ملتصقين به ومتميِّزين طبقياً ومهنياً عن بقية أفراد الشعب، وهو وضع ازداد تبلوراً في القرن التاسع عشر، كما يبيِّن الجدول التالي الخاص بتوزيع أعضاء الجماعة اليهودية في المهن والحرف المختلفة:

المهنة أو الحرفة / ١٨٩٥ / ١٩٠٣

الزراعة / ١.٤% / ١.٣%

الصناعة / ١٩.٣% / ٢٢.٠٣%

التجارة والنقل / ٥٦.٠% / ٥٠.٦%

<<  <  ج: ص:  >  >>