للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفلسفة مارتن هايدجر (١٨٨٩ ـ ١٩٧٦) ، الوجودي والفينومينولوجي، هي جزء من هذا النمط العام. وهو يُعَدُّ من أهم فلاسفة القرن العشرين في الغرب، إن لم يكن أهمهم على الإطلاق، وينزله البعض منزلة أفلاطون وهيجل. وقد تأثر هايدجر بأعمال جيكوب بومه والمعلم إيكهارت ونيتشه وكيركجارد وهوسرل، ويبدو أن الفكر الغنوصي ترك أثراً عميقاً فيه. وكتابه الأساسي: الوجود والزمن (١٩٢٧) ، بالإضافة إلى كتبه الأخرى: كانط ومشكلة الميتافيزيقا (١٩٢٩) ، وماهية الحقيقة (١٩٤٣) ، ومدخل إلى الميتافيزيقا (١٩٣٥) ، ورسالة حول الإنسانية (١٩٤٧) ، وما الفلسفة (١٩٥٥ (.

ونقطة انطلاق هايدجر هي الوجود، فالسؤال الأساسي عنده هو: ما معنى الوجود؟ فهو السؤال الذي يجب أن يسأله كل إنسان ليصبح إنساناً. ويذهب هايدجر إلى أن الخلل الأساسي في الأنطولوجيا الغربية أنها سقطت في ثنائية راديكالية فظنت أن الوجود هو كيان موضوعي مفارق للذات ثم قامت بفصل الواحد، وبحدة، عن الآخر، فحوَّلت العالم الموضوعي إلى مادة لا أسرار فيها ولا سحر خاضعة للحَوْسَلة منفصلة تماماً عن الذات، كما تحوَّل الإنسان إلى عقل أداتي وذات متعجرفة متكبرة تنفصل تماماً عن واقعها وتتعالى عليه بدلاً من التفاعل معه، تحاول أن تغزو الكون بدلاً من أن تعيشه، وتحاول أن تفرض صورتها على الكون وتحتل مركزه وتحوسله. وتتجلى هذه الرؤية من خلال فلسفة ديكارت وفكر حركة الاستنارة والفلسفة الوضعية والنزعة التكنولوجية.

<<  <  ج: ص:  >  >>