يتناول هايدجر قضية الوجود من خلال مفهوم «دازاين Dasein» وهي كلمة ألمانية تعني حرفياً «الوجود هناك» (بالإنجليزية: بينج ذير being there) أي «الوجود في العالم» . وفي سياق فلسفة هايدجر يمكن ترجمتها إلى «الإنسان» أو «حالة كون الإنسان إنساناً» (بالإنجليزية: ذي مود أوف بينج هيومان the mode of being human) . وأهم خصائص وجود الإنسان أن وجوده لا يشبه وجود الشيء، فقانونه هو عدم التعين، فهو كائن غير ثابت، ليست له طبيعة محددة. وبما أن لكل فرد الحق في أن يقول «أنا» ، فإن الوجود الإنساني يتغيَّر من فرد لآخر. فهذا الأنا ليس جوهراً، أي ليس موضوعاً ثابتاً تجرى عليه التغيرات، بل هو ينبوع للإمكانات واستعداد لتحققها (عبد الرحمن بدوي (.
وتوجد هذه الذات الإنسانية في عالم الصيرورة والزمان، لا فكاك لها منه، وليس لها وجود مستقل عنه. بل إن وجودها نفسه هو ثمرة علاقتها مع العالم المادي ومع الآخرين، ومع هذا لا تُردُّ الذات إلى واقع خارج عنها ولا تُستوعَب تماماً فيه. فالعلاقة بين الذات والموضوع علاقة جدلية. فالواقع الذي نتفاعل معه يصوغنا بقدر ما نصوغه نحن، ونمتلكه بمقدار ما يمتلكنا. والذات هي إمكانية دائمة ومشروع مستمر وحوار مستمر مع العالم. وعملية الحوار هذه تعني الصيرورة الدائمة، فالواقع الذي نتفاعل معه مركب تماماً، ولا يمكن إخضاعه لعملية الرد الفينومينولوجي أو التجريد الإيديتيكي التي تعلق الواقع (على الطريقة الهوسرلية) . ولا يمكننا استنفاد معناه تماماً ولا يمكن حوسلته أو استيعابه في مقولات منطقية مجردة عامة (ومن هنا عجز العلم الطبيعي عن فهم الوجود (.