وانطلاقاً من الرؤية النفعية المرنة نفسها طوَّر النازيون مقياساً محدداً لتعريف من هو الآري، ولكنه كان مقياساً مرناً منفتحاً، ولذا كان الشخص السلافي، الذي يتسم بقدر كاف من الصفات العرْقية البيولوجية الألمانية (من بينها الطول ولون العيون) ، يُعاد تصنيفه "آرياً" ثم يُلحق ببرنامج خاص للأرينة (أي التحويل للآرية) ليتعلم الألمانية والسلوك الألماني الأصيل. وكانت هناك مؤسسة خاصة تُسمَّى Ru SHA المكتب الرئيسي للعرْق والتوطين، كانت مهمتها هي تحديد الصفات الآرية وإمكانية الألمنة. (وانطلاقاً من الرؤية البرجماتية نفسها صُنِّف اليابانيون، حلفاء الألمان، «آريون شرفيون» رغم انتمائهم للجنس الأصفر!) .
وفي مؤتمر فانسي (الذي عُقد في ٢٠ يناير ١٩٤٢) أبدى المجتمعون اهتماماً شديداً بتصنيف الضحايا تصنيفاً دقيقاً إذ قُسِّموا إلى أربعة أقسام: فكان القسم الأول يضم من ستتم إبادته على الفور، أما القسم الثاني فكان يضم من ستتم إبادته (إنهاكه) من خلال الجوع والعمل بالسخرة. ويضم القسمان الثالث والرابع من يُعقم ومن يمكن أن يؤلمن (على التوالي) . وقد قام النازيون بالتمييز بين الإبادة من خلال الجوع والإبادة من خلال العمل، ففي عام ١٩٤٢ وجد الجيش الألماني أن المنهج الثاني من الإبادة أكثر رشداً من الأول فقام بتبنيه.
٧ ـ كان النازيون حريصين كل الحرص على استخدام مصطلح علمي محايد لا يحمل أية دلالات عاطفية غير علمية، فإحدى مؤسسات الإبادة كانت تحمل اسم تي فور T٤، وهو اسم يصلح لأية شركة تجارية أو سياحية أو حتى أي دواء مقوٍ، وهو منسوب إلى الشارع الذي تقع فيه المؤسسة وإلى رقم المبنى (تيرجارتن شتراسه رقم ٤ Tiergarten Strasse، أي ٤ شارع حديقة الحيوان) . ومن أسماء المؤسسات الأخرى «جمعية نقل المرضى» أو «المؤسسة الخيرية للعناية المؤسسية» .