لابد أن نضيف إلى كل ذلك ظروف الحرب العالمية الثانية التي صعَّدت من كل العناصر السابقة وزادتها حدة، ولابد أن نأخذ في الاعتبار انتشار الأوبئة وسوء التغذية في نفس الفترة. كما ينبغي الإشارة إلى بعض طرق الإبادة البطيئة غير أفران الغاز، مثل أعمال السخرة وعزل اليهود في الجيتو بمناطق مستقلة مزدحمة يعملون ويعيشون فيها تحت حد الكفاف، وهو ما كان يعني المزيد من الجوع والمرض. ويُقال إن نحو ثلث سكان جيتو وارسو قضوا نحبهم بهذه الطريقة، وإنه كان من المتوقع لهم جميعاً أن يُبادوا تماماً خلال عدة أعوام. (وهذا العنصر هو ولا شك عملية إبادة، إذ لا يهم أن يموت الضحية بأفران الغاز أو عن طريق التجويع. ولكننا نذكر هذا العنصر أيضاً حتى تكتمل الصورة لدينا) . كما هلك الآلاف بسبب حالة الحرب ابتداءً من عدم توفر الرعاية الصحية، وانتهاءً بالغارات على المدن، مروراً بأحكام الإعدام التي كان النازيون يصدرونها على اليهود وغيرهم.
وإذا أخذنا في الاعتبار كل هذه العناصر يصبح من الصعب أن نعزو اختفاء الستة ملايين يهودي (أو حتى الأربعة ملايين حسب بعض الإحصاءات) إلى أفران الغاز وحدها أو عمليات الإبادة كتصفية جسدية متعمدة فحسب.
إشكالية ملاحقة مجرمي الحرب النازيين
The Problematic of Hunting down Nazi War Criminals