ولنا أن نلاحظ الأصول الألمانية الراسخة للزعماء الصهاينة الذين صاغوا الأطروحات الصهيونية الأساسية. فتيودور هرتزل وماكس نوردو وألفريد نوسيج وأوتو ووربورج كانوا إما من ألمانيا أو النمسا يكتبون بالألمانية ويتحدثون بها، كما كانوا ملمين بالتقاليد الحضارية الألمانية ويكنون لها الإعجاب ولا يكنون احتراماً كبيراً للحضارات السلافية (وقد غيَّر هرتزل اسمه من «بنيامين» إلى «تيودور» حتى يؤلمن اسمه، وسمَّى ماكس نوردو نفسه بهذا الاسم لإعجابه الشديد بالنورديين) . ولا يختلف زعماء يهود اليديشية عن ذلك، فلغتهم اليديشية هي رطانة ألمانية أساساً. ومن جهة أخرى، كانت لغة المؤتمرات الصهيونية الأولى هي الألمانية، كما توجه الزعماء الصهاينة أول ما توجهوا لقيصر ألمانيا لكي يتبنى المشروع الصهيوني. وقد أكد جولدمان أن هرتزل قد وصل إلى فكرته القومية (العضوية) من خلال معرفته بالفكر والحضارة الألمانيين. وكان كثير من المستوطنين الصهاينة يكنون الإعجاب للنازية، وأظهروا تفهماً عميقاً لها ولمُثُلها ولنجاحها في إنقاذ ألمانيا. بل عدوا النازية حركة تحرر وطني. وقد سجل حاييم كابلان، وهو صهيوني كان موجوداً في جيتو وارسو (حينما كان تحت حكم النازي) ، أنه لا يوجد أي تناقض بين رؤية الصهاينة والنازيين للعالم فيما يخص المسألة اليهودية، فكلتاهما تهدف إلى الهجرة، وكلتاهما ترى أن اليهود لا مكان لهم في الحضارات الأجنبية.