للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فماذا حدث في هذا المؤتمر؟ لعل دراسة الوقائع وتوقيتها يعطينا صورة دقيقة ومثيرة عن المعركة بين المستوطنين الصهاينة وصهاينة الخارج التوطينيين وكيفية إدارتها، وكذلك عن بعض الأساليب التي استخدمها المستوطنون لإحكام قبضتهم على الفريق المعادي. فقد وُقِّعت الاتفاقية بشكل مبدئي في ١٧ أغسطس ١٩٣٣ وسُوِّيت كل النقط الفنية المعلقة في ٢٢ أغسطس بعد افتتاح جلسات المؤتمر الصهيوني الثامن عشر في براغ (تشيكوسلوفاكيا) . وقد أدرك النازيون الأهمية غير العادية للمؤتمر وركزوا كل جهودهم عليه حتى يتسنى إفشال المحاولات الرامية لإصدار قرارات من شأنها دعم المقاطعة اليهودية. وبعد افتتاح جلسات المؤتمر، ألقى سوكولوف خطبة ملتهبة عن يهود ألمانيا وبؤسهم دون أي ذكر للمقاطعة. ولكن النازيين كانوا يودون إحراز المكاسب الإعلامية التي يطمحون إليها، ولهذا أعلنوا عن الاتفاقية يوم ٢٤ أغسطس، وهو اليوم الذي كان محدداً لمناقشة وضع يهود ألمانيا في المؤتمر، وقد تناقلت صحف أوربا الخبر، وألقى سوكولوف خطبة ملتهبة قال فيها: "إن اليهود يحترمون إسبانيا القديمة أكثر من ألمانيا الحديثة لأن خروج اليهود جميعاً أفضل من إهانتهم على هذا النحو". ورغم أن ألفاظه جاءت غاضبة شكلاً إلا أن مضمونها كان نازياً صهيونياً، فهو لا يتحدث عن حقوق اليهود في أوطانهم وإنما عن حقهم في الخروج الكامل والنهائي منها.

وقدَّم الصهاينة التصحيحيون قراراً محدداً خاصاً بالمقاطعة، ولكن العماليين نجحوا في فرض قرارهم. وكان النازيون قد أوقفوا مجلة يوديش روندشاو عن الصدور مدة ستة أشهر، فرُفع عنها الحظر وصدرت في اليوم نفسه وهي تحمل مقالاً تتباهى فيه بأن المؤتمر الصهيوني هزم بأغلبية ساحقة اقتراح التصحيحيين الذي كان يهدف إلى تحويل المنظمة الصهيونية إلى وحدة مقاتلة. وصدرت الصحف النازية مرحبة هي الأخرى بالموقف الإيجابي للمؤتمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>