للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهدف الصهيونية (حسب تعريف معظم مؤسسيها) هو نقل اليهود من أوربا وإفراغها منهم لحل المسألة اليهودية، ونوسيج ينتمي إلى هذه المنظومة الفكرية التوطينية (الترانسفيرية) . فكان معظم فكره يدور حول تهجير اليهود، وكان هذا يأخذ شكل محاولة زيادة وعيهم بهويتهم اليهودية العضوية حتى َيضمُر ويذوي إحساسهم بالانتماء إلى أوربا. وقد أنجز نوسيج ذلك من خلال أعماله الفنية مثل تماثيله: «اليهودي التائه» و «يهودا المكابي» و «الملك سليمان» و «الجبل المقدَّس» (كان نوسيج يود أن توضع على جبل الكرمل رمزاً للدولة اليهودية) . كما أسس عام ١٩٠٨ منظمة استيطانية تُسمَّى إيكو AIKO للتعجيل بنقل اليهود. فهو، شأنه شأن نوردو، كان في عجلة من أمره. ولعل طول الانتظار هو الذي دفعه إلى التعاون مع النازيين، لأنهم أيضاً ذوو نزعة توطينية ترانسفيرية. فعمل كمخبر للسلطات النازية إبان الحرب العالمية الثانية، وعيَّنه تشيرنياكوف، رئيس مجلس اليهود في وارسو إبان حكم النازي، عضواً في المجلس ورئيساً لقسم الفنون. ونظراً لمعرفته الوثيقة بأعداد اليهود وتوزعهم ومراحلهم العمرية المختلفة (بسبب دراساته التي أسلفنا الإشارة إليها) ، ونظراً لرغبته العميقة في إفراغ أوربا من يهودييها، وضع نوسيج خطة متكاملة لإبادة اليهود الألمان المسنين والفقراء (غير النافعين) وتهجير الباقين أو إبادتهم. وقد اكتشف أعضاء المقاومة اليهودية في جيتو وارسو تعاونه مع النازي وأنه عضو في الجستابو، فحُكم عليه بالإعدام رمياً بالرصاص ونُفِّذ الحُكم في ٢٢ فبراير ١٩٤٣. وقد اختفى نوسيج تماماً من الأدبيات الصهيونية والغربية.

مردخاي رومكوفسكي (١٨٧٧-١٩٤٤ (

Mordechai Rumkowski

<<  <  ج: ص:  >  >>