٢ ـ تحاول الدعاية الصهيونية أن تبين أن بعض الساسة العرب أظهروا تعاطفاً مع النظام النازي. وهذه أكذوبة أخرى. فمعظم الحكومات العربية وقفت مع الحلفاء (فالعالم العربي على أية حال كان يقع في دائرة الاستعمار الغربي) . كما أن النظرية النازية العرْقية كانت تضع العرب والمسلمين في مصاف اليهود، ولذا فأي تحالف مزعوم كان تحالفاً مؤقتاً لا يختلف عن حلف ستالين/هتلر. وهؤلاء الساسة (وبعض القطاعات الشعبية) ممن أظهروا التعاطف مع النازيين فعلوا ذلك لا كُرهاً في اليهود أو حباً في النازيين، وإنما تعبيراً عن عدائهم للاسعمار الإنجليزي والاستيطان الصهيوني. وهو، على أية حال، تعاطف يُعبِّر عن سذاجة وعن عدم مقدرة على القراءة الجيدة للأحداث، وعن عدم إلمام بطبيعة الغزوة النازية ومدى تَجذُّرها في المشروع الحضاري والإمبريالي الغربي ومدى رفضها العنصري للمسلمين والعرب. ولم يُترجم هذا التعاطف العام نفسه إلى اشتراك فعلي في الجريمة النازية، التي تحتفظ بخصوصيتها كظاهرة حضارية غربية.
ولكن كل هذه المحاولات الدعائية الإعلامية الغربية الصهيونية لا تغيِّر شيئاً من الحقائق التاريخية أو الجغرافية أو الأخلاقية، الدينية والإنسانية. فالإبادة النازية لا تُشكِّل جزءاً من التاريخ العربي أو تواريخ المسلمين، ولم يلوث العرب والمسلمون أيديهم بدماء ضحايا النازية من يهود أو سلاف أو غجر. وهذه المحاولات تُبيِّن في نهاية الأمر اتساق الغرب مع نفسه، الذي يُكفر عن جريمة إبادية ارتكبها في ألمانيا بأخرى لا تقل عنها بشاعة في وطننا العربي.