ولكن موقف لوثر تغيَّر في أواخر الثلاثينيات، إذ اتخذ موقفاً متطرفاً متعصباً يفوق في تطرفه موقف الكنيسة الكاثوليكية. فالكنيسة الكاثوليكية كانت دائماً ملتزمة بالدفاع عن اليهود وبحمايتهم باعتبارهم الشعب الشاهد، أما لوثر فأسقط هذا الدور تماماً (ضمن ما أسقط من مؤسسات وسيطة) . ويُلاحَظ أن تزايُد اشتغال المسيحيين بالتجارة كان له جانبه المظلم بالنسبة لأعضاء الجماعات اليهودية إذ كان ذلك يعني تزايُد التنافس معهم. وقد أدَّى الإصلاح الديني إلى فتح الباب على مصراعيه للاجتهادات والانشقاقات، فظهرت مجموعات المسيحيين الذين تمسكوا بحرفية العهد القديم والذين اتخذوا طابعاً يهودياً، كما هو الحال مع جماعة السبتيين الذين كانوا يستريحون يوم السبت بدلاً من يوم الأحد. وكتاب لوثر خطاب ضد السبتيين يتضمن هجوماً حاداً على اليهود الذين اتهمهم بأنهم يجمعون الأنصار لعقيدتهم. ثم ظهر في عام ١٥٤٢ كتابه عن اليهود وأكاذيبهم، أما عام ١٥٤٣ فشهد نشر كتاب عن شيم هامفوراش، أي الاسم الذي لا يُنطَق به، والكتابان يتضمنان سيلاً من الشتائم والهجوم على اليهود إذ وصفهم بأنهم خبثاء ولصوص وقطاع طرق وديدان مقزِّزة. ولكن الجدير بالذكر أن لوثر كان عنيفاً في هجومه على كل أعدائه من أمراء وأساقفة وبابوات ومحامين وغيرهم. وقد تأثر لوثر في كتابيه بيهوديين متنصرين. والأكاذيب التي يتحدث عنها لوثر تتعلق بمفهوم الاختيار والميثاق مع الخالق من خلال الختان في سيناء، وإيمان اليهود بأن الرب أعطاهم إرتس يسرائيل (أي فلسطين) والقدس. واستخدم لوثر في كتابه كل الاتهامات التي كانت توجَّه إلى اليهود في العصور الوسطى، مثل تهمة الدم وتسميم الآبار، واتهمهم بأنهم يلعنون المسيحيين في معابدهم، ووصف اليهودية بأنها أصبحت شكلاً من أشكال الوثنية. كما أوصى لوثر بضرورة إحراق معابد اليهود وتدمير منازلهم وأن يُجمَعوا كالقطيع في الحظائر حتى يتحققوا من أنهم ليسوا