رغم التفتح العام الذي شهدته الحضارة الغربية في عصر النهضة، فإنه لم تكن له مردودات إيجابية على أعضاء الجماعات اليهودية. وربما يعود هذا إلى وضع اليهود الخاص داخل المجتمع الغربي وإلى أنهم لم يكونوا جزءاً من القوى الاجتماعية التي أدَّت إلى ظهور النهضة والاستنارة فيما بعد. كما أن بنية المجتمع، برغم تغيرها في كثير من الوجوه، ظلت جامدة وتقليدية. ولذا، لم يشهد عصر النهضة (بشكل عام) تغيراً جوهرياً في أحوال أعضاء الجماعات اليهودية، كما لم تحدث تطورات فكرية عميقة إلا في بعض الجماعات مثلما حدث في إيطاليا في بداية عصر النهضة. وكانت أوربا خالية من اليهود بعد أن طُردوا من إسبانيا عام ١٤٩٢، ومن البرتغال عام ١٤٩٦، ومن نافار وصقلية وسردينيا عام ١٤٩٨، ومن سويسرا وألمانيا عام ١٤٩٠. أما إنجلترا وفرنسا، فكانتا قد طردتا أعضاء الجماعات اليهودية في فترة سابقة ولم يسمح لهم بالاستيطان فيهما. ولم تكن هناك جماعات يهودية إلا في شرق أوربا (بولندا) التي كانت خارج نطاق عصر النهضة (في بدايته) ، أو في بعض الإمارات الألمانية التي استقبلت اليهود الذين كانوا قد طُردوا من إمارات أخرى. كما كان يوجد بعض اليهود في المدن/الدول الإيطالية في بداية عصر النهضة. بل إن هذه الفترة شهدت تكريس عزلة اليهود، وشهدت تحوُّل الجيتو من المكان الذي كانوا يعيشون فيه إلى المكان الذي يتعين عليهم العيش فيه. فمع عصر النهضة، فقدت كثير من الجماعات اليهودية في غرب أوربا دورها كجماعة وظيفية وسيطة تعمل بالتجارة والربا وحلت محلها جماعات مسيحية محلية أو دولية.