وقد أدَّى هذا، في بداية الأمر، إلى تزايُد عدم تجانس اليهود داخل القارة الأوربية. وفي داخل كل مدينة، كانت الجماعات اليهودية مستقلةً الواحدة عن الأخرى تماماً، ففي إيطاليا مثلاً كانت هناك جماعة يهودية إيطالية وأخرى إسبانية سفاردية وثالثة ألمانية إشكنازية، وكانت كل جماعة منفصلة عن الأخرى وتتصارع معها في بعض الأحيان. بل كانت الجماعة الواحدة تنقسم إلى عدَّة أقسام حسب المدينة التي ينتمي إليها أعضاؤها أصلاً.
ومع هذا، كان هناك فريقان أساسيان هما: السفارد ممن يتحدثون اللادينو، والإشكناز المتحدثون باليديشية، وبخاصة بعد أن انضمت الجماعات الصغيرة الأخرى إلى أحد الفريقين وفقدت هويتها بينهم. وتركز يهود المارانو في شبه جزيرة أيبريا وثغور البحر الأبيض المتوسط، وداخل الدولة العثمانية، وداخل أوربا، وفي العالم الجديد. أما اليهود الإشكناز فقد تركزوا في شرق أوربا وداخل بعض مدن وسط ألمانيا.
وكان الهرم الطبقي لليهود في الغرب يتكون من خمس أو ست طبقات. وعلى قمة الهرم، كانت تقف نخبة صغيرة من كبار المموّلين ويهود البلاط ويهود الأرندا ووكلاء الأمراء، وكان هؤلاء يُشكِّلون قيادة الجماعة اليهودية كما هو الحال مع يهود البلاط في وسط أوربا، والمهاماد في غربها، والقهال في شرقها، تليها طبقة أكبر من كبار التجار والوكلاء التجاريين وأصحاب المعامل. أما الطبقة الثالثة، وهي أكبرها حجماً، فهي جمهور الباعة الجائلين وبائعو الملابس القديمة وغيرهم من صغار التجار. وكانت هناك طبقة رابعة صغيرة من الحرفيين. وفي أسفل الهرم، كانت توجد قاعدة كبيرة من الجائلين والمتسوّلين والمتعطِّلين.