وكما أسلفنا، كان الاقتصاد المركنتالي يمثل تحدِّياً للمسيحية وقيمها، ومن ثم شكَّل تحدِّياً للاقتصاد التقليدي المسيحي المبني على القيم المسيحية التقليدية. وكانت التجارة اليهودية عنصراً مهماً من عناصر التحدي التي ساهمت في تقويض دعائم الاقتصاد التقليدي. وتمثَّل هذا التحالف بين القوى المدافعة عن المركنتالية والتجارة اليهودية فيما يُسمَّى «فيلوسيمتزم) Philo-Semitism» حب السامية) أي التحيُّز لليهود وحبّ المعرفة التي ينقلونها. وقد شهدت هذه المرحلة بالفعل تزايُد الاهتمام بالدراسات العبرية، وهو اهتمام على مستوى من المستويات يُعدُّ تحدِّياً للقيم المسيحية والتقليدية ويُعبِّر عن تراجعها فهو من ثم شكل من أشكال العلمنة. كما أنه مرتبط بظهور الشك الفلسفي في هذه المرحلة، أي أن حب السامية أو التحيز لليهود هو تعبير آخر عن تزايُد معدلات العلمنة في المجتمع الغربي. وقد تنبه بعض رجال الكنيسة إلى أن هذا الاهتمام باليهودية والدراسات العبرية يشكل هجوماً مقنَّعاً على المسيحية.