ويتضح عدم إدراك برجر للمكون الحلولي في اليهودية في حديثه عن التصور اليهودي للإله باعتباره إلهاً مفارقاً للطبيعة وللإنسان. فاليهودية تركيب جيولوجي تراكمي، ولذا يوجد داخلها التصور التوحيدي للإله، ولكن توجد إلى جواره تصورات أخرى تتناقض مع التصور التوحيدي تماماً، وهي تصورات أكثر شيوعاً ومركزية من التصور التوحيدي. كما أن برجر في حديثه عن الأعياد اليهودية يقول إنها أعياد تحتفل بأحداث تاريخية ولا تحتفل بقوى كونية. وقد بيَّنا في دراستنا للأعياد (انظر الباب المعنون: «الأعياد اليهودية» في المجلد الخامس من الموسوعة) أنها تحتوي على كل من العنصرين، فعيد الفصح هو عيد خروج الشعب من مصر (مناسبة تاريخية) وهو عيد الربيع في آن واحد. أما فيما يتصل بترشيد الأخلاق، فقد قضت عليه الأخلاقيات المزدوجة التي اتسم بها أعضاء الجماعات اليهودية كجماعة وظيفية. ومن المعروف أن اليهودية (مع هيمنة القبَّالاه) سيطر عليها الإيمان بالسحر والتعاويذ وزادت شعائر الطهارة، وهو ما جعلها قريبة من العبادات الوثنية الحلولية القديمة التي يُفتَرض أن اليهودية التوحيدية قد تمردت عليها. وقد أشار فيبر إلى سقوط اليهودية في الحلولية ولكنه قرر، بناءً على هذا، استبعاد اليهودية من نموذجه التفسيري، زاعماً أن التوحيد اليهودي قد استمر من خلال العقيدة المسيحية.
إلى جانب هذا، أهمل كل من فيبر وبرجر رصد تَصاعُد معدلات الحلولية والكمونية في المسيحية الغربية ذاتها (وفي المجتمع الغربي ككل) . فلم يتحدثا عن الربوبية والماسونية وظهور القبَّالاه المسيحية وتغلغل الحلولية الكمونية في الفكر الديني المسيحي (وبخاصة في الفرق البروتستانتية) .