محض، وهي مادة سائلة لا قانون لها سوى قانون الغاب ولا إرادة لها سوى إرادة القوة، ولا يوجد سوى أجزاء، فيموت الإله وتسقط فكرة الكل ذاتها.
وإذا كان المشروع التحديثي للاستنارة قد خرج من تحت عباءة إسبينوزا، فقد خرجت ما بعد الحداثة بوجهها القبيح من تحت عباءة نيتشه. ثم جاء دريدا الذي وصل بالسيولة إلى منتهاها وأعلن أن العالم لا مركز له ولا معنى وأنه سيولة لا يمكن أن يصوغها أحد أو يفرض عليها أي شكل، وأننا حينما ننظر لا نرى قانون الطبيعة الهندسي (على طريقة إسبينوزا) ولا الغابة التي تحكمها إرادة البطل (على طريقة نيتشه) وإنما نرى الهوة (أبوريا) ، وهذا هو عالم مادونا ومايكل جاكسون (عالم تتساوى فيه مادونا بمايكل جاكسون ووليام شكسبير) ، عالم عبارة عن موجات متتالية بلا معنى، عالم علماني صلب تماماً.