وعلاقة التاجر والمرابي بالمجتمع ليست علاقة مباشرة وإنما هي علاقة ثانوية أو هامشية، فهما لا ينتجان شيئاً وإنما يسهلان عملية تبادل السلع التي ينتجها الآخرون من خلال ما يحملون من النقد، وهو أكثر الأشياء تجريداً. والتاجر والمرابي ليسا موضع حب أو كره الناس، فالجميع ينظر إليهم بشكل موضوعي من منظور مدى نفعهم وأهميتهم الوظيفية. وإلى جانب هذا، كان اليهود يشكلون عنصراً متعدد الجنسيات، عابراً للقارات، يقوم بوظيفة التجارة والمصارف الدولية، الأمر الذي عمًَّق تحوسلهم أي تحوُّلهم إلى وسيلة. لكن أعضاء الجماعة الوظيفية الوسيطة، إلى جانب هذا، أداة في يد الحاكم يستخدمها في امتصاص الثروة من يد الجماهير، وقد شُبِّهوا بالإسفنجة لهذا السبب. وقد كان اليهود دائماً من ملتزمي الضرائب. ولكل هذا، نجد أن علاقة الجماعة الوظيفية الوسيطة بالمجتمع تتسم بالموضوعية والتعاقدية والتنافسية، الأمر الذي يجعل أعضاء الجماعات اليهودية من أهم عناصر علمنة المجتمع بشكل بنيوي يتجاوز وعي ونوايا أعضاء الجماعة الوظيفية الوسيطة وأعضاء المجتمع المضيف في الوقت نفسه.