للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ ـ لا تشكل إسرائيل استثناء من هذه القاعدة، فهي جزء من نمط وحركية غربية هي الإمبريالية الغربية التي جعلت العالم مسرحاً لنشاطها سواء في أستراليا أو أمريكا اللاتينية أو جنوب أفريقيا أو فلسطين. فالمشروع الصهيوني جزء لا يتجزأ من التشكيل الاستعماري الاستيطاني في الغرب، وما كان بمقدوره أن يتحقق دون إمكانيات الإمبريالية الغربية ودون طموحاتها أو آلياتها. واستيطان اليهود في فلسطين هو نقل لفائض بشري غربي إلى بقعة في آسيا أو أفريقيا حيث يتم تحويله إلى دولة وظيفية استيطانية تقوم على خدمة مصالح الغرب نظير أن يقوم هو على حمايتها. فإسرائيل من هذا المنظور هي إعادة إنتاج لنمط قديم، على حين أن وعد بلفور، ثم دعم حكومة الانتداب للمستوطن الصهيوني، ثم دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، وتوقيع الاتفاق الإستراتيجي معها، يبين أن الدولة الصهيونية هي امتداد لارتباط أعضاء الجماعات اليهودية بالاستعمار الاستيطاني الأنجلو ساكسوني.

٣ ـ بل يمكن القول بأن يهود الشرق والعالم الإسلامي تم تحويلهم إلى مادة استيطانية تابعة للتشكيل الاستيطاني الغربي من خلال مدارس الأليانس والدعاية الصهيونية وهجرة أعداد ضخمة من اليهود الإشكناز إلى العالم العربي. وهذه العمليات كلها أفقدتهم هوياتهم المحلية المختلفة وأحلَّت محلها هوية يهودية عالمية اسماً ولكنها استيطانية فعلاً جوهرها فك الصلة بين اليهودي ووطنه، ومن ثم يتم استيعابه في المنظومة الاستيطانية. وبالفعل، حينما أُعلن إنشاء إسرائيل، هاجرت الأغلبية الساحقة من يهود البلاد العربية إليها وظل الباقون يجلسون على حقائبهم في انتظار السفر إما إلى الولايات المتحدة أو إلى إسرائيل.

موسى ليفي (١٧٨٢ – ١٨٥٤ (

Moses Levy

<<  <  ج: ص:  >  >>