وقد استمر هذا الموضوع الكامن شائعاً في الفكر الغربي، ثم ازداد انتشاره وتواتره مع علمنة الحضارة الغربية وسيادة الفلسفات المادية النفعية التي تحكم على مجالات الحياة كافة، وليس على اليهود بمفردهم، من منظور المنفعة. ولذا، نجد أن فكرة نَفْع اليهود تزداد محورية في الفكر الغربي في أواخر القرن الثامن عشر، وهي أيضاً المرحلة التي لم يَعُد فيها وضع أعضاء الجماعات اليهودية في الغرب مقلقلاً وحسب، بل صل فيها إلى مرحلة الأزمة. وقد تزامنت هذه العمليات الانقلابية مع ظهور فكر كلٍّ من آدم سميث في إنجلترا والفيزيوقراط في فرنسا، حيث كان كل منهما يطالب الدولة بتنظيم وزيادة ثروتها، كما كانا يتقبلان فكرة أن الهدف النهائي (والمطلق) لكل الأشياء هو مصلحة الدولة. ومن هنا، ظهر الفكر النفعي الذي يرى العالم كله من منظور المنفعة. وكان أعضاء الفريق الأول يرى أن الصناعة هي المصدر الأساسي للثروة، في حين كان أعضاء الفريق الثاني، بحكم وجودهم في بلد زراعي أساساً، يرون أن الزراعة هي المصدر الأساسي للثروة. ولكن، مع هذا، تظل فكرة المنفعة هي الفكرة الأساسية. فأعلنت الأكاديمية الملكية في متز عن مسابقة عام ١٧٨٥ لكتابة بحث عن السؤال التالي: هل بالإمكان جَعْل يهود فرنسا أكثر نفعاً وسعادة؟ ونشر كريستيان دوم كتابه الشهير عن موضوع نَفْع اليهود عام ١٧٨١ بعنوان بخصوص إصلاح المكانة المدنية لليهود. كما نشرت كتابات عديدة بأقلام الكُتَّاب الفرنسيين الذين ساهموا في الثورة الفرنسية مثل ميرابو وغيره، دافعوا فيها عن نَفْع اليهود أو إمكانية إصلاحهم أو تحويلهم إلى شخصيات نافعة منتجة. وموضوع نَفْع اليهود يشكل إحدى اللبنات الأساسية في كتابات السياسي الإنجليزي والمفكر الصهيوني المسيحي اللورد شافتسبري، الذي اقترح توطين اليهود في فلسطين لأنهم جنس معروف بمهارته ومثابرته، ولأنهم سيوفرون رؤوس الأموال المطلوبة، كما أنهم سيكونون بمثابة إسفين