ولا يمكن فهم تاريخ الحركة الصهيونية ولا تاريخ العداء لليهود (بما في ذلك النازية) إلا في إطار مفهوم المنفعة المادية هذا. فقد تبنَّى المعادون لليهود هذا المفهوم وصدروا عنه في رؤيتهم وأدبياتهم، فراحوا يؤكدون أن أعضاء الجماعة اليهودية شخصيات هامشية غير نافعة، بل ضارة يجب التخلص منها، وتدور معظم الأدبيات العنصرية الغربية في القرن التاسع عشر حول هذا الموضوع، وهي أطروحة لها أصداؤها أيضاً في الأدبيات الماركسية، وضمن ذلك أعمال ماركس نفسه، حيث يظهر اليهودي باعتباره ممثلاً لرأس المال الطفيلي الذي يتركز في البورصة ولا يغامر أبداً بالدخول في الصناعة. وتظهر الأطروحة نفسها في كتابات ماكس فيبر الذي يرى أن رأسمالية اليهود رأسمالية منبوذة، بمعنى أنها رأسمالية مرتبطة بالنظام الإقطاعي القديم ولا علاقة لها بالنظام الرأسمالي الجديد (ومن المفارقات أن اليهودي الذي كان رمزاً لرأس المال المحلي المتجذر، أصبح هنا رمز رأس المال الأجنبي الطفيلي المستعد دائماً للرحيل والهرب) .
وقد وصل هذا التيار إلى قمته في الفكر النازي الذي هاجم اليهود لطفيليتهم وللأضرار التي يُلحقونها بالمجتمع الألماني وبالحضارة الغربية. وقد قام النازيون بتقسيم اليهود بصرامة منهجية واضحة إلى قسمين:
١ ـ يهود غير قابلين للترحيل، وهم أكثر اليهود نفعاً.
٢ ـ يهود قابلون للترحيل (بالإنجليزية: ترانسفيرابل tranferable) وقابلون للتخلص منهم (بالإنجليزية: ديسبوزابل disposable) ويُستَحسن التخلص منهم بوصفهم عناصر غير منتجة (أفواه تأكل ولا تنتج [بالإنجليزية: يوسلس إيترز useless eaters] حسب التعبير النازي المادي الرشيد الطريف) وبوصفهم عناصر ضارة غير نافعة لا أمل في إصلاحها أو في تحويلها إلى عناصر نافعة منتجة.