للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن القضايا الأساسية الأخرى ليهودية ما بعد الانعتاق الحوار اليهودي المسيحي الذي يفترض وجود تراث يهودي مسيحي مشترك، ومثل هذا الحوار لم يكن أمراً مطروحاً في الماضي. غير أن اليهودية، باعتبارها نسقاً دينياً، ليست مهيأة للدخول في هذا الحوار، نظراً لخاصيتها الجيولوجية التراكمية، ولعدم تحديدها عقائدها الأساسية. كما أن اليهود جماعات إثنية منقسمة إلى فرق لا تعترف الواحدة بالأخرى. ويخشى كثير من اليهود المتدينين (الأرثوذكس) أن يؤدي هذا الحوار إلى توسيع رقعة الاتفاق بين اليهودية والمسيحية إلى درجة يصبح التنصر معها أمراً سهلاً وربما منطقياً. وهذا ما حدث فعلاً في ألمانيا بعد ظهور اليهودية الإصلاحية التي أعادت صياغة اليهودية على أسس المسيحية البروتستانتية، الأمر الذي أدَّى في النهاية إلى تنصُّر أعداد كبيرة من يهود ألمانيا.

ومن الصعب على الصهاينة أو غيرهم الاحتجاج على النتائج السلبية لإعتاق اليهود، إذ أن المُثُل العليا للمجتمعات الغربية التي يعيش فيها معظم أعضاء الجماعات اليهودية هي مُثُل علمانية عقلانية من نتاج عصر الاستنارة، تشجع على الاندماج وتمازج الأفراد، وعلى امتزاج هويتهم وخصوصيتهم في هوية قومية عامة عظمى. ولذا، فإن هذه المجتمعات هي مجتمعات تقبل من اليهود احتجاجهم على معاداة اليهود ولكنها تجد أن من الصعب عليها أن تقبل الاحتجاج على نتائج عملية الإعتاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>