ومن الملحوظ أن حركة التنوير اليهودية في روسيا لم تستبعد اليديشية كأداة للتعبير، على عكس حركات التنوير في ألمانيا والنمسا. ولكن إلى جانب الدعوة لليديشية، كان هناك فريق يدعو إلى الاستجابة لحركة الحكومة الروسية لترويس رعاياها، أي صبغهم بالصبغة الروسية.
وتميل الكتابات التي تتناول ظاهرة التنوير إلى تقسيمها تقسيماً جغرافياً كما فعلنا. ويقسمها البعض الآخر تقسيماً لغوياً: الحركة الألمانية أو الروسية أو اليديشية أو البولندية، وهكذا. وثمة تقسيم ثالث على أساس الأجيال، فيقال: الجيل الأول من دعاة التنوير (مندلسون وأتباعه) ، والجيل الثاني (ويضم تلاميذ مندلسون ومفكريه مثل جايجر وزونز وجرايتز) . ولكننا نلاحظ أن هذا التقسيم الأخير يتداخل مع التقسيم الجغرافي.
وقد أصبحت حركة التنوير قوة فكرية وسياسية واجتماعية ذات بال في ألمانيا والإمبراطورية النمساوية المجرية، وبشكل أقل في روسيا حيث هبت على حياة اليهود الثقافية رياح معظم الحركات الفكرية العلمانية الغربية، مثل: الرومانسية والمثالية الفلسفية والوضعية والاشتراكية والداروينية والعنصرية. وقد أصبحت كلها، فيما بعد، ضمن مكونات الفكرة الصهيونية، وأصبح دعاة التنوير شخصيات أساسية في الجماعة اليهودية يتحدثون باسمها إلى العالم غير اليهودي.