قد تكون لغة المجاز أحياناً مجرد زخرفة لفظية ومن قبيل المحسنات البديعية. ولكنها، في كثير من الأحيان، تكون جزءاً أساسياً من عملية التفسير والإدراك ونسيج الخطاب، ولا يمكن الوصول إلى المعنى دون إدراك علاقاتها الكامنة وتضميناتها الخفية. ونحن نذهب إلى أن معظم النصوص (المكتوبة والشفوية) ، وكل رؤية للكون، تحوي داخلها صورة مجازية أساسية. ونحن نطلق على مثل هذه الصورة اصطلاح «صورة أساسية إدراكية» لأنها صور استخدمها صاحب النموذج (بوعي أو بغير وعي) للتعبير عن نموذجه المعرفي، ولذا فإن النموذج المعرفي الكامن في النص يَتَجَّلى من خلالها بشكل متعيِّن مباشر وتظهر مرجعيته النهائية. وقد لا يمكن إدراك طبيعة النموذج وبنيته بدونها. وإن لم يصل الإنسان إلى فهم الصورة المجازية الإدراكية الأساسية، فإن كثيراً من التفاصيل ستبدو كما لو كانت تفاصيل غير مترابطة. والصورة المجازية الأساسية كامنة عادةً، لكن درجة كمونها تتفاوت من نسق فكري إلى آخر. وما يحدث هو أن عقل المُفسِّر يتوصل إلى الصورة المجازية الأساسية الكامنة ويستخدمها لتحويل الأجزاء المتبعثرة إلى كلٍّ متماسك. وكما أن النماذج بنية عقلية سكونية تترجم نفسها عبر الزمان إلى متتالية، فإن الصور المجازية الأساسية يمكن أن تتطور هي الأخرى بتطور المتتالية، ولذا يمكن دراسة تاريخ الأفكار والنماذج الإدراكية من خلال دراسة تتابع الصور المجازية وتتاليها وتحولاتها.