للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمكن القول بأن النموذج كلما ازداد إحاطة بجوانب الظواهر وأبعادها المختلفة، أي كلما ازداد تركيبية، زادت مقدرته التفسيرية والتنبؤية. ونحن نرى أن استرداد العامل الإنساني (بدوافعه ورؤاه وذكرياته وأحزانه وأفراحه ومصالحه ومصلحته الحقيقية والمتخيلة) هي أهم عناصر التركيب، ومن ثم أهم العناصر في زيادة المقدرة التنبؤية للنموذج. وقد يكون من المفيد أن أضرب مثلاً بمحاولة سابقة قمت بها في محاولة رصد الواقع من خلال نموذج مركب وكيف أن زيادة التركيب تؤدي إلى زيادة المقدرة التفسيرية والتنبؤية. فقد نشرت في جريدة الرياض (المملكة العربية السعودية) مقالاً بعنوان "إلقاء الحجارة في الضفة الغربية" وذلك في ٢٤ فبراير ١٩٨٤. وتنبأت في هذا المقال بأن استخدام الحجارة سيكون أحد أشكال النضال الأساسية. والواقع أنني توصَّلت إلى هذه النتيجة من خلال عملية مركبة للغاية بدأت بإدراكي للمنحنى الخاص للوضع في الضفة الغربية. كنت أتحدث في القاهرة مع إحدى طالباتي الفلسطينيات من غزة، ولاحظت مدى ازدرائها للإسرائيليين وعدم خوفها منهم. وبدأت ألاحظ أن فلسطينيي الداخل غير منكسرين على عكسنا نحن عرب الخارج، فالفاعل الإنساني العربي هنا قوي متماسك. ثم قرأت إعلاناً عن إحدى المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية، فلم أجد فيه إشارة واحدة لأرض الميعاد أو صهيون أو المُثُل "العليا" الصهيونية، أي أن الفاعل الإنساني الصهيوني محايد غير مكترث، متمركز حول ذاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>