ولذا، يكون الحديث عن «رأسمالية يهودية» ، لا عن رأسماليين من أعضاء الجماعات اليهودية، حديثاً مضللاً يخلع الاستقلالية على ظاهرة تابعة. وربما، لو أن هناك رأسمالية يهودية، لتبعها المشروع الصهيوني، وقامت هي بتمويله لصالحها. ولكن المشروع الصهيوني كان دائماً، منذ وعد بلفور إلى الاتفاق الإستراتيجي بين الولايات المتحدة والدولة الصهيونية، يبحث عن راعٍ غربي يوفر له الأمن والدعم والتمويل، ويحوِّل الرأسماليين من اليهود داخل التشكيلات الرأسمالية القومية المختلفة إلى أداة للضغط يستخدمها لصالحه. ولكن العكس أيضاً صحيح، إذ أن الدول الغربية تستخدم هؤلاء الرأسماليين أداة للضغط على الدولة الصهيونية أحياناً.
ومن القضايا التي ينبغي إثارتها، مدى اشتراك الرأسماليين من أعضاء الجماعات اليهودية في النشاطات التجارية والمالية غير المشروعة، مثل التهرب من الضرائب ومراكمة الثروات من خلال الغش التجاري. ولكن لا توجد دراسة إحصائية مقارنة دقيقة تثبت أن معدل الغش والتهريب بين الرأسماليين الأمريكيين اليهود يفوق المعدل القومي، كما لا توجد دراسات توضح ما إذا كانت يهودية الرأسمالي هي التي تفسر الجرائم التي ارتكبها أم أن من الأجدى تفسيرها على أساس عدم انتماء الرأسمالي عضو الجماعة اليهودية كعنصر مهاجر لم يتحدد انتماؤه بعد. ومن ثم، لابد أن نقارن نسبة هذه الجرائم بين الرأسماليين اليهود وغيرهم من الرأسماليين من أعضاء الجماعات المهاجرة الأخرى.
أما فيما يتصل بالمهنيين ورجال السياسة من الأمريكيين اليهود، فهم عادةً من أبناء الجيل الثالث الذين وُلدوا في الولايات المتحدة وتلقوا تعليماً جامعياً ونسوا الوطن القديم تماماً (إلا كذكريات رومانسية) وأصبحوا جزءاً من المؤسسة الأمريكية الثقافية والسياسية ولا يمكن الحديث عن أية خصوصية مميِّزة لهم.