أما نيثان، فقد اهتم بشكل خاص بالأنشطة التي يُقال لها خيرية، وبقضايا الصحة العامة، حيث أسَّس معملاً لبسترة اللبن ومحطات لتوزيعه في مدينة نيويورك. وامتد اهتمامه هذا إلى فلسطين، حيث أسَّس معهد باستير، وتعاون مع منظمة هاداساه الأمريكية الصهيونية في تأسيس سلسلة محطات نيثان ستراوس لصحة ورفاه الطفل، كما أسس مركزي نيثان ولينا ستراوس للصحة في مدينتي القدس وتل أبيب. وقد أنفق ستراوس خلال العقدين الأخيرين من حياته حوالي ثُلثي ثروته على مشاريعه المتعددة في فلسطين لخدمة التجمع الاستيطاني اليهودي بها (وقد أُطلق اسم نيثانيا على هذه البلدة في فلسطين عرفاناً بفضله) . وبرغم ما تبديه مشاريع ستراوس في فلسطين من جوانب إنسانية، إلا أنها كانت تُخفي وراءها محاولات البورجوازية الأمريكية اليهودية (من أصل ألماني) تحويل هجرة يهود اليديشية بعيداً عن الولايات المتحدة للأسباب التي أسلفنا ذكرها، ولذلك فقد دعم الاستيطان والهجرة اليهودية إلى فلسطين، وذلك برغم معارضته (مثله مثل غالبية الأمريكيين اليهود) للصهيونية ولفكرة إنشاء دولة يهودية في فلسطين خوفاً مما قد تثيره من اتهامات بازدواج الولاء، وهو ما سميناه «الصهيونية التوطينية» .