ولكن، كما أن هناك تياراً داخل فكر حركة الاستنارة يرى أن اليهود عنصر له خصوصيته، وأن تخلُّصه من هذه الخصوصية أمر صعب بل مستحيل أحياناً، فإن الفكر الاشتراكي قد اشتمل على مثل هذا التيار. وهو يترجم نفسه أيضاً إلى اتجاه معاد لليهود ومتحيِّز للصهيونية في آن واحد. ويطرح أتباع هذا التيار فكرة هوية يهودية مستقلة عضوية يُفترَض فيها عادة أنها ذات طابع شرقي أو آسيوي أو سامي. وقد ازداد الاهتمام بهذا الجانب مع تزايُد الاهتمام بالعنصر الهيليني (الآري فيما بعد) في الهوية الغربية. وهو اهتمام صار محورياً في الخطاب السياسي الغربي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وقد أكد هيجل على ما أسماه «الطابع الشرقي» للروح القومية اليهودية التي لم تدرك المثل العليا (الهيلينية) للحرية والعقل، فظلت اليهودية لذلك مرتبطة بشعائر بدائية لاعقلانية أو طقوس لا روح فيها تسبَّبت في نهاية الأمر في إدخال العنصر العبراني السلبي على الحضارة الغربية.
وكجزء من هجومهم على المؤسسات القائمة في المجتمع، قام المفكرون الاشتراكيون بالهجوم الضاري على المسيحية وعلى كل الأفكار الدينية، فوجَّهوا النقد إلى اليهودية باعتبارها أساس المسيحية، بل باعتبارها شكلاً متخلفاً منها. واتهموا اليهودية أيضاً بأنها تتضمن عناصر نفعية أنانية تشجع اليهود على الاهتمام بأنفسهم وعلى كُره البشر. كما أن اليهودية تشجع اليهود على ضرب العزلة حول أنفسهم وعلى البقاء سجناء شعائرهم البدائية المتخلفة مثل قوانين الطعام التي تجعل اندماجهم مع بقية الجنس البشري مستحيلاً. بل إن بعضهم ذهب إلى حد القول بأن اليهودية تتضمن عناصر هضمية أو معوية، وأن كل إشارة إلى الإله في العهد القديم مرتبطة بالطعام، وأن تقديم القرابين البشرية كان أحد العناصر المكوِّنة للعبادة اليسرائيلية القديمة.