وقد طرح فورييه برنامجاً لحل المسألة اليهودية، وذلك عن طريق دمج اليهود بالقوة اقتصادياً وروحياً. وهذا لن يتأتى إلا بالقضاء على خصوصيتهم اليهودية القومية الاقتصادية عن طريق تطبيق قوانين قاسية عليهم، ومنعهم من الاشتغال بالأعمال التجارية، وإبعادهم عن الحدود والسواحل والأماكن التي يمكنهم أن يمارسوا فيها التهريب والتجارة، وكذلك عن طريق توطينهم بالقوة في القرى. ويجب أن يواكب عملية الدمج الاقتصادي عملية دمج روحي عن طريق التعليم حتى يتخلى اليهود عن مبادئهم الشريرة.
والحل الثاني للمسألة اليهودية الذي يطرحه فورييه قد يبدو وكأنه نقيض الأول، ولكنه في الواقع امتداد له. فإذا كان الحل الأول يفترض إمكانية التخلص من الشعب العضوي المنبوذ عن طريق تخليصه من هويته الكريهة ودمجه، فإن الحل الثاني الذي ورد في كتاب الصناعة الزائفة (١٨٣٥ ـ ١٨٣٦) إذ يرى أنه يمكن التخلص منهم عن طريق توطينهم في فلسطين وسوريا ولبنان ليصبحوا أمة معترفاً بها لها ملك وعلم وقناصل وعملة! ويتوجه فورييه بالنصح إلى اليهود، فبدلاً من مضاربات البورصة يمكنهم تحويل فلسطين وما حولها في المنطقة الممتدة من لبنان إلى سيناء إلى أرض صالحة للسكنى عن طريق توفير منافذ لنهر الأردن والبحر الميت على موانئ البحر الأحمر، وأن يتم ري الصحراء وزراعة الغابات الخضراء فيها بواسطة الجيوش الصناعية والمزارع التعاونية وذلك بتمويل روتشيلد وبدعم أوربا، وهذا أدق وصف لعملية الاستيطان الصهيوني وللزراعة الصهيونية التعاونية المسلحة ولكل من الصهيونية التوطينية والاستيطانية (وقد قضت الحركة الصهيونية بين اليهود نحو سبعين عاماً لتكتشف هذه الصيغة البسيطة) . ويجب أن نشير إلى أن تاريخ نشر الكتاب هو أيضاً الوقت الذي طُرحت فيه المسألة الشرقية وبحدة بسبب ثورة محمد علي على السلطان العثماني.