للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان عداء الاشتراكيين والثوريين لليهود يستند إلى تحليل طبقي يفترض فيه أصحابه علميته وموضوعيته. ولكن مع العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر، وظهور الخطاب العرْقي واكتساحه الفكر الأوربي، نجد أن أتباع فورييه أيضاً يتبنون التفسير العرْقي. فالعرْق اليهودي، بحسب تصوُّرهم، قبيح من الناحية الجسدية، فوجوههم تخرق قواعد الجماليات تماماً كما تخرق روحهم الروح الآرية (الهيلينية من قبل) التي تتسم بالجمال. والعرْق اليهودي لا يمكن دمجه ولا هضمه، وهو عرْق طفيلي كليةً، فاليهودي في كل مكان وزمان كان طفيلياً يصيب المجتمعات بالتحلل. وهم طفيليون لأسباب عرْقية ولا يمكنهم أن يغيِّروا دورهم، تماماً كما لا يمكن للمخلوقات الطفيلية التي تقتل الأجساد الحية أن تتوقف عن وظيفتها. وهم معروفون بشكل خاص بمقدرتهم على تخريب قوانين البلاد التي ينتمون إليها.

ويُلاحَظ أن كل هذه الأوصاف هي أوصاف الشعب العضوي المنبوذ، فما الحل إذن؟ طرحت المجلة، الناطقة بلسان أتباع فورييه، حلاًّ صهيونياً حيث طلبت من اليهود الجلاء عن فرنسا طواعية. ولذا، توجهت بنداء إلى اليهود: "أيها اليهود! إلى أعالي سيناء، حيث أرسل الإله بالوصايا العشر التي تخرقونها دائماً، إلى موسى والإله الذي تركتموه بسبب حبكم الشديد للذهب ... اعبروا البحر الأحمر مرة أخرى، ولتنزلوا إلى الصحراء مرة أخرى، إلى أرض الميعاد التي تنتظركم، الأرض الوحيدة التي تناسبكم، أيها الشعب الشرير الوقح الخائن، اذهبوا إلى هناك". وهذا هو الحل الاستعماري الصهيوني، إرسال كل مشاكل أوربا إلى الشرق.

<<  <  ج: ص:  >  >>